الجمعة، 7 يناير 2011

كن محمداً

بأبي أنت و أمي يارسول الله ! ماأروع سيرتك ، و ما أعظم بركتها ، إنها المدرسة الإلهية لكل قائدٍ ، وكل زعيمٍ ، وكل رئيسٍ ، و كل حاكمٍ ، و كل سياسيٍ ، و كل زوجٍ ، وكل أبٍ ، أنتَ المثل الإنساني الكامل بارسول الله ، لكل من أراد أن يتقرب من الكمال في أروع صورةٍ ،     و اتجاهاته ، و مظاهره ، فالحمد لله الذي أنعم بكَ علينا أولاً ، وعلى الإنسانية ثانياً .
إن سرّ عظمة النبوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه ترك من بعده خلفاء عنه في قيادة الدعوة ، يفهمون شريعته كما يفهمها ، ويتخلقون بأخلاقه كما أدّبه ربه ، فاستمرت الدعوة من بعده ، وأدت رسالتها في التاريخ ، فحريٌ للقادة أجمعين ، أن يدرسوا سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم ، دراسةً عميقةً واعيةً ، فليس الخلود أن يتحدث التاريخ عن الخالدين ، و لكن أن تسري أرواحهم في الأحياء المتعاقبين ، وأن تعمل أخلاقهم عملها في كل عصر على مر التاريخ ، و لم يجتمع ذلك لعظيمٍ ، كما اجتمع لنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، ولولا أن التعصب الذميم يغطي على أبصار هؤلاء الغربيين ، لوجدوا في شريعة نبينا وسيرته ، مايأخذ بيدهم للأمن ، مما يتهاوون فيه لشقاءٍ ، ولكن الله لم يرد لهم هذا الخير ، ولعلّه ادخره لأمةٍ أخرى ، تكون أبرّ بالإنسانية ، حتى على جراحها ، و أهدى لحلّ مشكلاتها ، من هؤلاء المتعصبين المغرورين ،، فرسولنا الكريم لم يأتِ لهذه الدنيا ليكون مَلِكاً عليها ، فنرث عنه الملك ، بل جاء ليكون قائدا لها ، فنحن نرث عنه القيادة ، و لم يخلّف من بعده ابناً يرث رداءه، و لكنه خلّف من بعده مابقيت الأرض ، أجيالاً تحمل لواءه ، كلتا أبناء محمدٍ صلى الله عليه سلم و بناته ، كلنا آله وورَثتُهُ ، فمن مثل محمدٍ صلوات الله و سلامه عليه ؟  من مثله في حلمه وأخلاقه ؟ بل من مصله في كل شيءٍ ؟ .
انظروا لقطرة من سجاياه عليه الصلاة والسلام : فلقد شُجّت وجنتاه ، وكُسِرَتْ رباعيته ، ودخل " المغفر " في رأسه صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ ، فقال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ،، لم ينتصر لنفسه من مظلمةٍ يوماً قط ، مالم تكن حُرمةٌ من محارم الله ،، وعفا صلى الله عليه وسلم عمن سحره ،، وتآمر المنافقون على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتجاوز عنهم ، وسامحهم ،، وكان يقابل النبي صلى الله عليه وسلم من أساء له بالإحسان ، والأذى بالإكرام ،، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ضعيفاً، بل أشجع إنسانٍ على الإطلاق،، ولم يتراجع عن معركةٍ قط ، وكان أقرب المقاتلين إلى العدو ، وقد نهى عن قتل النساء والشيوخ الكبار والولدان، وإزهاق الأنفس المعصومة دون حق ، وكذا نهى عن إتلاف الزرع ،
والإفساد في الأرض ،، نبينا عليه الصلاة والسلام ، قدوتنا كان دائم البشر ، لين الجانب ، ليس بفظٍ ، ولا غليظٍ ، ولا صخّابٍ ، ولا فحّاشٍ ، وقد زكت نفسه عن الرياء، والإكثار ومالا يعنيه ، لا يذم أحداًَ ، ولا يعبره ، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم في غير حاجةٍ ، بل فيما يرجو عند الله تعالى ثوابه ،، وَسِعَ الناسُ بَسْطَ النبي صلى الله عليه وسلم وخلقه ، فصار لهم أباً ، وصاروا عنده في الحق متقاربين ، فيوقّر الكبير ، ويرحم الصغير ، ويرفد ذا الحاجة ، ويؤنس الغريب ، ولا فضل لأحدٍ عنده إلا بالتقوى ،، ويحب الرسول صلى الله عليه وسلم ، المساكين ويجالسهم، ولا يُحَقرُ فقيراً، ولا يدع أحداً يمشي خلفه ، ولا يحب أن يتميز بين أصحابه ، ويتفقد أصحابه ، ويؤلف بينهم ، وكان في خدمة أهله ،، وكان صلى الله عليه وسلم ، أشد الناس لله تعالى خشيةً ، وأكثرهم له شكراً وتواضعاً ، ومع أنه أقربهم عنده منـزلةً ، إلا أنه مع هذا يقول صلى الله عليه وسلم لمن دخل عليه ، وقد أصابته منه رعدةٌ ( هَونْ على نفسك ، فإني لستُ مَلِكاً ، بل أنا ابن امرأةٍ من قريش ٍ، تأكل القديد ) ،، ولا يـريـد عليه الصلاة والسلام إطراءً ، أو تجاوزاً في الثناء ، بـل لا يرضى منا قولاً في حق نفسه ، إلا الشهادة بأنه عبد الله ورسوله فقط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق