السبت، 8 يناير 2011

كن مؤدباً

من البحوث العلمية التي نعتز بها في مكاتبنا بحث " أدب الكلام ، وأثره في بناء العلاقات الإنسانية في ضوء القرآن الكريم " للدكتور " عوده عبد الله " ، فقد ناقش وأصل لموضوع نحتاج إليه في ظل تخلي المدرسة والأسرة ووسائل الإعلام عن الانضباط اللفظي عامة ، وفي ظل ثقافةٍ شبابيةٍ لغويةٍ خاصةٍ ، بـدأت تنتشر بين الشباب في بـلادنـا العربية ، مما ترتب عليه ضعفٌ شديدٌ في أدب الكلمة ،، وقد أدت بعض البرامج الحوارية الفضائية ، وبعض الألفاظ المتبادلة في بعض المسرحيات الفكاهية ، إلى تقبل هذا التدني اللفظي ، وألِفَتْهُ أُذُنَيْ الصغير والكبير ، والمتعلم والجاهل ،، ويمثل أدب الكلام وسيلةً مهمةً من وسائل تقوية النسيج الاجتماعي والأسري ، لما يحققه من تآلفٍ بين القلوب ، وتناصرٍ وتآلف بين النفوس ، مما يترتب عليه حل الكثير من المشكلات الاجتماعية والأسرية ، كما قال الدكتور عوده عبد الله في بحثه { يوجه القرآن الكريم المؤمنين إلى ضرورة الالتزام بأدب الكلمة ، لأن الشيطان قد يستغل كلمةً طائشةً بينهم ، فيفرق الشمل ، وتحل العداوة والبغضاء ، وبسبب كلمةٍ تتآلف القلوب ، فتحل المودة ، وتزول الأحقاد ، قال تعالى ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مُبيناً ) " سورة الإسراء آية 53 " ، فعلى كل منا أن يسبق عقله وتفكيره لسانه ، ليختار الكلمات الأحسن ، فالله يأمرنا أن نتحكم بأقوالنا، لتكون مسددةً صائبةً ، فلا ننطق إلا بأحسنه ، وأحق الناس بالكلمة الطيبة واللفظ الأحسن ، هم الأبوين والزوجة والأولاد والمعلمين والمعلمات ، وكبار السن ، والحكام ،، كما أمر الله المسؤول والمدير والحاكم ، بأن يتأدب مع مرؤسيه في الكلام ، قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ( فبما رحمةٍ من اللهِ لِنْتَ لهم ولو كنتَ فَظاً غليظ القلبِ لانفضوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفرْ لهمْ وشلورهمْ في الأمر فإذا عَـزَمْـتَ فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) " سورة آل عمران آية 159 " } انتهى كلامه .
فيا لها من قاعدةٍ ذهبية في العلاقات الاجتماعية ، وتقوية النسيج الاجتماعي خاصة في بلادنا الخليجية التي نعيش فيها أسرةً واحدةً ، وعائلةٍ واحدةٍ ، وقبيلةٍ واحدةٍ ، يعرف بعضنا بعضاً ، اجتماعياً وأسرياً ، وثقافياً واقتصادياً ، وبيننا علاقاتُ حسن الخلق ، وحسن الصحبة والجوار ، تمتد لآلاف السنين ، وقد عمدت بعض النظم الانقلابية إلى إحداث عملية انقلابٍ في النظام الخلقي الاجتماعي ، فأعطت بعض البلدان الفرصة ، لهدم الثوابت الاجتماعية المتزنة ، والأصول المرعية في العلاقات الاجتماعية ، وقد انتقلت هذه الصفات غير الحميدة مع
الثقافات الواردة علينا ، فبدأنا نرى العجب العجاب ، ونسمع بعض العبارات التي لم نتعود عليها في معاملاتنا الاجتماعية ، وقد بدت هذه السلوكيات الشاذة على مجتمعاتنا في الظهور في بعض المجالس ، خاصة أيام الانتخابات النيابية والبلدية ، وقد رأى بعض أبنائنا في هذا الأسلوب وسيلةً للتغيير ، والنيل من كل كبيرٍ ، وهذه ثقافةٌ كلاميةٌ ، تتنافى مع أدب الكلام في الإسلام ، وهذا ماجعلني أعتز بدراسة أدب الكلام للدكتور/عوده ، لحاجتنا الماسة إليها ، والله تعالى يربينا ويعلمنا كيفية تقويـة النسيج الاجتماعي ، حيث يقول تعالى ( ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسنُ فإذا الذي بينكَ وبينهُ عداوةٌ كأنهُ وَليٌ حميمٌ ) " سورة فصلت آية 34 " ،، وعلى مستوى الأسرة يبين الله تعالى أن الوعظ بالتي هي أحسن هو الخطوة الأولى في إصلاح العلاقات الزوجية ، قال تعالى ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ) " سورة النساء آية 34 " ،، يقول الدكتور عوده { ويكون وعظ الزوجة بتذكيرها بما أوجب الله عليها من حسن الصحبة ، وجميل العشرة ، والكلمة الطيبة أغلى عند الزوجة في كثير من الأحيان ، من الحلي الثمين ، والثوب الفاخر ، لأن الكلمة الطيبة غذاءُ الروح ، فكما أنه لاحياة للبدن بلا طعامٍ ، فكذلك لاحياة للروح بلا كلامٍ حلوٍ لطيفٍ ، وأن السعادة كلها ربما كانت في كلمةٍ فيها مجاملة ومؤانسة يقولها أحد الزوجين لصاحبه ، كما قال الأستاذ محمد لطفي الصباغ في كتابه " نظرات في الأسرة المسلمة " : وكما أن الزوج يجب أن يسمع من زوجته الكلمة الأحسن ، فعليه أن يكون قدوةً للزوجة في الكلمة الأحسن، واللفظ الأجمل ، لذلك أقترح أن تتضمن مناهجنا الدراسية في مقررات التربية الأسرية ، والأدب اللغوي ، كلماتٍ طيبةٍ مأثورةٍ ، ومواقف طيبةٍ مأثورةٍ بين الزوجين ، ليتعلم أبناؤنا الكلمات الحسنة ، وأبيات الشعر المقوية للعلاقات الأسرية ، والمواقف المتميزة ، كوصية الأم لابنتها الوصية المشهورة في الأدب العربي ، وقصة القاضي شريح مع زينب زوجته ، وبنت سعيد ابن المسيب مع زوجها وتلميذ أبيها، وعلى الأسرة أن تقتني كتب التربية والأخلاق الحميدة، ليتعلمها أبناؤها ، وعلينا أن نكون قدوة لهم في الحياة ، حتى لا نفقد تلك الصفات الحميدة ، التي حفظت لنا علاقتنا الاجتماعية المتميزة ، لسنين طويلةٍ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق