إن الإيجابي هو ذلك المسلم الذي يحمل دافعاً نفسياً ، واقتناعاً عقلياً ، وجهداً بَدَنِياً ، لا يكتفي بتنفيذ التكليف ، بل يتجاوز للمبادرة في طلبه ، أو البحث عنه ، ويزيد على مجرد الأداء الإتقان فيه ، بل يضيف إلى العمل المتقن رُوحاً وحيويةً ، تُعْطِي للعمل تأثيره وفعاليته ، دون أن يخالطه جفافٌ ، أو جفاءٌ ، أو تبرمٌ ، أو استثقالٌ .
إن الإيجابية هي : عملٌ يمنع الكسل ، وحيويةٌ تقضي على السلبية ، وانتشارٌ لايقبل الانحسار ، فهي عطاءٌ ليس له حـدودٌ ، وارتقاءٌ فوق كل السدود ، ومبادرةٌ لاتُكبلها القيود ،، أما الايجابي فهو : من ينطلق إلى الخير والدعوة والإصلاح ، بدافعٍ ذاتيٍ من نفسه ، وعُلُوِ هِمَتِهِ التي لايقف أمامها صعبٌ ،، فوا عجباً وياأسفاً على أقوامٍ ينامون ملىءَ جفونهم، ويأكلون ملىءَ بطونهم ، ويخلدون إلى الراحة ، ويحبون السكون والدعة ، ويبحثون عن المتعة والرفاهية ، ثم يقولون : إنهم دعاةٌ ! فهل يرتقب من مثل هؤلاء تعويض ما فات ، وتحقيق المنجزات ؟! وهل يظنون بأن مثلهم تعقد عليهم الآمال ، وتناط لهم المهمات ؟! إن الإيجابي يقاوم ليغير نحو الأفضل ، ويستثمر القليل فينميه ، ويحول المسار فيقود المسيرة ، ومن هنا فهو صاحب دعوةٍ ترفض الاستسلام للواقع ، وتبرير القعود ، وانتظار الأقدار ، ومن هذا المنطلق نهتف بكل قوةٍ قائلين " قم فأنذر " ،، فالايجابي هو من يلمح دائماً فجر الأجر ، فيهون عليه ظلام التكليف ، دون أن يكون تبعاً ، وهو وحده من يملك زمام المبادرة للطاعات ، دون الالتفات لعمل فلانٍ أو قول فلانٍ، ولا يجب أن تقعده نشوة الطاعة ، ولا تثبطه أثقال المعصية ، ولا ينتظر الإذن بالعمل من شخصٍ ما ،، إن الايجابية جليَّةٌ وواضحةٌ في نملة نبي الله سليمان عليه السلام ، يوم توجهت إلى مجتمع جنسها بالنصيحة ، والأمر بالمعروف ،، وكذا الإيجابية جليَّةٌ وواضحةٌ في هدهد نبي الله سليمان عليه السلام ، يوم أن سار الهدهد بمفرده ، دون تكليفٍ مسبقٍ ، أو تنفيذٍ لأمرٍ صادرٍ ، و جلب خبرٍ مهمٍ للقيادة المؤمنة ، أدى ذلك إلى دخول أمةٍ كاملةٍ في الإسلام ،، وانظر كذلك إلى الإيجابية الجلية الواضحة ، في أمنية ربيعة بن كعبٍ الأسلمي ، عندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : أسألك مرافقتك في الجنة ،، والإمام علي رضي الله عنه يحدد غاية مايشتاق إلى فعله بقوله ( الضرب بالسيف ، والصوم بالصيف ، وإكرام الضيف " ،، وسيف الله المسلول الذي لايريد أن تقر عيون الجبناء يقول " مامن ليلةٍ يهدى إلي فيها عروسٌ ، أنا لها مُحبٌ ، أحـب إلي من ليلةٍ شـديـدة البرد ، كثيرة
الجليد ، في سرية ، أصبّح فيها العدو " ،، والإيجابية كذلك جليَّةٌ واضحةٌ في إبداعات الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، فكل واحدٍ منهم له إبداعاته ومميزاته ، فهذا سلمان الفارسي رضي الله عنه يقترح على السول صلى الله عليه وسلم حفر الخندق ، والحباب بن المنذر رضي الله عنه ، يقترح الوقوف في بدرٍ على الماء ، وآخر ينصب المجانيق في غزوة الطائف ، وأبو بصيرٍ يخطط لحرب عصاباتٍ ، بعيدا عن بنود صلح الحديبية ، ويستلم خالد بن الوليد رضي الله عنه الراية يوم معركة مؤتة بلا تأميرٍ ، رضي الله عنهم أجمعين .
وأخيراً ،،، إن الإيجابية عطاءٌ وتميُّزٌ ، وإبـداعٌ وتـألـقٌ ، وثقةٌ بالنفس ، وتوجهٌ للمعالي ، وعلمٌ غزيرٌ ، وعِزةٌ وتواضعٌ ،، فكن أخي إيجابياً ، ولتكن همتك عاليةٌ ، ونيتكَ صادقةٌ ، وأقوالك سديدةٌ ، وأعمالك مباركةٌ ، وغايتك الجنة ، وأُمنيتك رضا الله عنك ،،، جمعنا الله وإياك في الجنة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق