الجمعة، 21 يناير 2011

كن محفزاً

معنى التحفيز :
التحفيز هو أن تعطي الشخص دفعةً لعمل ما تريد ، وذلك بإثارته لفعل الشيء . أدلة التحفيز من القرآن الكريم :
يحث المنهج الإسلامي على تحفيز الأفراد ، لإنجاز الأعمال علي أفضل وجهٍ ممكنٍ ، وهناك أدلة كثيرة على ذلك ، فمنها على سبيل المثال لاالحصر : قوله تعالى ( إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنا لانضيع أجرَ من أحسن عَمَلاً ) " سورة الكهف آية 30 " ، حيث الأجر هنا يشمل سائر المزايا التي يمنحها الله لعباده الصالحين ، سـواءً كانت ماديةً أو معنويةً ، فهو يعد الذين يعملون الخير بأن لهم ثوابٌ كبير, والذين يعملون الشر لهم عذابٌ عظيمٌ ، قال تعالى ( فمن يعملْ مثقال ذرةٍ خيراً يره * ومن يعملْ مثقال ذرةٍ شـراً يره ) " سـورة الزلزلة آية 7 ـ 8 " ، وقال سبحانه ( من جـاء بالحسنة فله عـشـرُ أمثالها ، ومن جـاء بالسيئة فلا يُجْزى إلا مثلها وهم لايظلمون ) " سورة الأنعام آية 160 " ،، إن الثواب الذي يمن الله به علي عباده ، والعقاب الذي يرصده للمخالف منهم ، يُعْطِي للحياة معنىً ، ويوفر لهم الانضباط والجدية ، قال تعالى ( ومن أحسنُ قولاً ممن دعآ إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) " سورة فصلت آية 33 " ،، والإسلام يجمع بين الجانبين ، الروحاني والمادي ، ويُجْرِي بينهما توازناً مُحْكَماً ، قال الله تعالى ( وابتغِ فيما آتاكَ اللهُ الدار الآخرة ولا تنسََ نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن اللهُ إليكَ ولا تبغِ الفساد في الأرض إن اللهَ لايحب المفسدين ) " سورة القصص آية 77 " .
            يقص القرآن الكريم لنا قصه فرعون وموسى ، فيقول الله تعالي ( فلما جاءَ السحرةُ قالوا لفرعون أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذاً لمن المقربين ) " سورة الشعراء آية 41 ـ 42 " حيث وعد فرعون السحرة وحفزهم بالأجر ، وإدخالهم في خاصته إنْ همْ انتصروا على موسي ، تشجيعاً لهم لبذل أقصى جهدهم ،، ولكن المال والعطاء الدنيوي وإن
كان يخالف العقيدة ، فلا يجدي ، ويصبح بلا قيمةٍ ، فقد يكون التأثير غير المادي أقوى ،، لابد في التحفيز من العدل والإنصاف ، قال تعالى في قصة ذي القرنين ( قال أما من ظلمَ فسوف نعذبهُ ثم يُرَد إلى ربه فيعذبه عذاباً نُكْراً * وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يُسْراً ) " سورة الكهف آية 87 ـ 88 "  ،،، إن الحافز الإلهى أساسٌ لغرس القيم الفاضلة في النفوس ، فالله يدعو إلي الخير ، قال تعالى ( صِبغةَ اللهِ ومن أحسن من الله صِبغةً ونحن له عابدون ) " سورة البقرة آية 138 " .
أدلة التحفيز من السنة :
عن‏‏ ‏سعيد بن زيدٍ ‏‏رضي الله عنه عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال ( ‏مَنْ ‏ ‏أَحْيَى أَرْضًا ‏‏ مَيِّتَةً ، ‏فَهِيَ لَهُ ، وَلَيْسَ ‏ ‏لِعِرْقٍ ‏ظَالِمٍ حَقٌّ ) " سنن الترمذى " ،، ويعد هذا تحفيزا على استصلاح الأراضي وزراعتها ،،، يطالب الإسلام بالاتفاق علي الأجر مع العامل، قبل بدء العمل، مع وجوب الوفاء الفوري به ، حتى يصبح مفعولاً حافزاً على مواصلة العامل لعمله بكفاءةٍ ، فعن عبد الله بن عمـر رضي الله عنهما قال ، قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم ( أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ) " سنن ابن ماجه " ،، ‏وقال ‏أبو سعيدٍ  " ‏‏‏إذا استأجرتَ أجيراً فأعلمه أجره " " سنن النسائي " ،،، كما يدعو الإسلام إلى توفير الحوافز الاجتماعية للعاملين ، بتحديد ساعاتٍ للراحة من عناء العمل ، وكذلك بتوفير الخدمات الترويحية لهم ،، فعَنْ تَمِيم الدَّارِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ قَال ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، قُلْنَا لِمَنْ ؟ قَال : لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِين وَعَامَّتِهِمْ ) " صحيح مسلم " ، وفى هذا تحفيز على الشورى والنصيحة ، وأن يقدم العاملون مالديهم من أفكارٍ واقتراحاتٍ ، لتدعيم المنظمة التي يعملون بها ، وأن يقول كل شخص رأيه ، بثقةٍ وحريةٍ ، لأنه يشعر بأن قائده سيستمع إليه جيداً ، ومن الممكن أن يأخذ برأيه إن كان سليماً ، وتحفيزه صلي الله عليه وسلم للمحاربين والجنود علي الثبات والإقدام ، وتحقيق النصر بإذن الله .

مواقف التحفيز من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة :
كان الرسول صلي الله عليه وسلم يحرض المؤمنين على القتال قبيل غزوة بدر قائلاً لهم ( والذى نفس محمد بيده ، لا يقاتلهم اليوم رجلٌ ، فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبرٍ ، إلا أدخله الله الجنة ) ، وقال وهـو يحضهم على القتال ( قوموا إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض ،  وحينئذ قـال عُمَيْر بن الحُمَام : بَخْ بَخْ ، فقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم :
مايحملك على قولك : بخ بخ ؟ قال : لا ، والله يا رسول الله إلا رجاءُ أن أكون من أهلها، قال : فإنك من أهلها ، فأخرج تمرات من قَرَته فجعل يأكل منهن ، ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياةٌ طويلةٌ ، فرمى بما كان معه من التمر ، ثم قاتلهم حتى قتل ) " رواه مسلم " { 2 /139 الرحيق المختوم } .
استخدم الرسول صلي الله عليه وسلم ، التحفيز في جميع مجالات الحياة ، وفي مختلف الظروف، استثارةٌ لهمم الأفراد ، ولتحسين أدائهم وإتقانهم ، والفوز في الدنيا والآخرة، وتحفيز النبي ، لسراقة بن مالك يوم الهجرة ، وهو يريد أن يلحق به مرة ، والثانية والثالثة ، فحفزه بأن له سِوَارََيْ كسرى ، إن رجع وترك الرسول صلى الله عليه وسلم ، مع أن الله حَمى رسولَه منه ،، وتحفيز الرسول للمؤلفة قلوبهم ، بأن يعطيهم من الغنائم ، ومن بيت مال المسلمين ، تحفيزا لقلوبهم ، ليدخلوا في الإسلام ،، والتحفيز المعنوى من النبي صلى الله عليه وسلم ، حين قال لبني عبدالدار يوم فـتـح مـكـة وهو يعطي عثمان بن طلحة مفتاح الكعبة ( خذوها خالدةً تالدةً، لا ينزعها منكم إلا ظالمٌ ، ياعثمان : إن الله استأمنكم على بيته ، فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف ) ، وفي اتفاقه عليه الصلاة والسلام مع الأنصار، بأن يهاجر إليهم ، فإن نصروه ستكون لهم الجنة ، وأكد لهم ذلك يوم فتح مكة ، عندما أدخل الشيطان في عقولهم ، أن الرسول قد يتركهم ويلتف حول عشيرته وأهله ، فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه : موعدكم معي عند الحوض يـوم القيامة ، " يذكرهم بوعده لهم زيادةًًً في التحفيز "، وكذا الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة ، عندما كان يحسن صحابيٌ عمله ، كان يلقبه بلقبٍ حسنٍ ، فقد لقب خالد بن الوليد بسيف الله المسلول ،، يقول عليّ رضي الله عنه ، في خطابٍ وجهَه إلى أحد الولاة { لا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلةٍ سواء ، فإن فى ذلك تزهيداً لأهل الإحسان , وإساءةً لأهل الإساءة ، وألزم كلا منهمما ماألزم نفسه } ، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد توليه الخلافة { فمن يحسن ، نزده ، ومن يسئ نعاقبه } .
أنواع التحفيز :
1-   تحفيزٌ معنويٌ : كأن تقول لأحدٍ قام بشيء " أحسنتَ , أو أتقنتَ ، أو جزاكَ الله خيراً " فيكون هذا تحفيزاً له على الاستمرار والاتقان ، أو " لو فعلتَ كذا سيكون لك مكانةً عندي ، أو سيكون لك مكانةً في المنظمة " ، وكذلك فإن تحديد هدفٍ واضحٍ وإيجابيٍ ومؤثرٍ للعمل ، يعتبر تحفيزاً معنوياً .
2-     تحفيزٌ ماديٌ : كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع سراقة بن مالك ، ومثال ذلك أن تقول لشخصٍ " إن أتقنتَ هذا العمل فلك أجرٌ إضافيٌ " .
3-     تحفيزٌ أخرويٌ : مثلما قـال النبي صلى الله عليه وسـلـم لأحدهم " إن فعلت كذا لك الجنة " ،، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ جداً فى القرآن الكريم ، والسنة النبوية .
4-     تحفيزٌ ذاتيٌ : مثل موقف فرعون مع السحرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق