الخميس، 27 يناير 2011

كن ناجحاً

النجاح كلمةٌ جميلةٌ ، تهفوا إليها النفوس ، وتصبوا لها القلوب ، إنها كلمةٌ مدويةٌ ، عشقها العلماء ، وهَامَ بها العظماء ، ولم يُعْرِض عنها إلا الذين رَضُوا بالدون ، وقبلوا أن يسطروا على هامش الحياة ، وفي ذيل القافلة .
لقد سطر التاريخ نماذج مشرقةٍ لصناع النجاح ورواده ، الذين سادوا وقادوا وتركوا بصماتهم في سجل الحياة ، فهذا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، نجح في بناء دولةٍ إسلاميةٍ لم يشهد التاريخ لها مثيلاً ، فأمن الناس على أنفسهم وأهلهم وأعراضهم وأموالهم ، وعزوا فلم يجرؤ أحدٌ على إذلالهم ، وفاض المال حتى لم يجدوا من يأخذه ، وكل ذلك في سنتين لاغير ،، وهذا عبد الرحمن الداخل ، يفر إلى الشام بعد سقوط دولـة بني أمية ، ويأبى إلا نجاحاً ، فشيد مُلْكاً عظيماً في قعر بلاد النصارى ، وأقام حضارةً إسلاميةً شَهِدَ لها العدو قبل الصديق بالعظمة والروعة .
إن النجاح يحتاج إلى أناسٍ عقلاءَ أذكياءَ ، لهم هِمَمٌ عاليةٌ ، لا يرضيهم الواقع المعوج ، ولا يركنوا إلى الحال الرديء ، نفوسهم متعلقة بالسماء، وهِمَمُهُمْ كالجبال الشامخات،
يسيرون وِفق خُطَطٍ مرسومةٍ في حركةٍ دائبةٍ ، لا يكلوا ولا يملوا ، حتى يصلوا إلى مرادهم ، ويحققوا أهدافهم ،، فالنجاح ليس في وفرة المال ، وإن كانت مطلوبة ، وليس في الشهرة ، والوصول إلى المناصب ، وليس في الكلمات المصطنعة ، بل سر النجاح في أعـمـاق النفس البشرية ، فهو " شـيءٌ معنويٌ لا يُرَى بالعين ، ولا يُقاسُ بالكَمْ ، ولا تحتويه الـخـزائـن ، ولا يُشْتَرَى بالمال ، وأضخم معارك الحياة هي تلك التي تدور في أعماق النفس البشرية ، ونحن في عصرٍ مليءٍ بالصراعات ، ونعيش في حياة كلها معاناة ، نعاني من طلب الرزق والأسرة والترفيه ،، لذا فسر النجاح في حياتنا الدنوية أن ننتصر ونتغير من الداخل .
إن النجاح ليس ادعاءً ، بل حقيقةٌ ملموسةٌ مغروسةٌ في قلوب الناجحين ، فاغرس في نفسك نجاحاً بلا حدودٍ ، ولا تلتفت إلى النجاحات السطحية ، ولا تنخدع فأنت قويٌ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) .
سعى الإنسان قديماً إلى النجاح المترسم في داخله ، وذلك بسماع الصوت الداخلي ، والإنصات العميق للصراعات الداخلية ، المتمثلة بمعرفة الهوية الإنسانية " من أنا ؟ ما هو دوري في الحياة ؟ كيف أتصرف ؟ من هم أصحابي ؟ " ، ويكون الصوت أعلى ، وصداه أوجع وأكثر إيلاماً ، عندما نكذب على أنفسنا ،، إنها الصراعات الداخلية التي نحركها نتيجة للرغبة في أن نكون أعداداً لها قيمة ،، كل ذلك يسبب ضغوطاً نفسيةً كثيرةً ، تؤدي إلى صراعٍ نفسيٍ عميقٍ ، هذا الصراع سيؤدي إلى فراسةٍ داخليةٍ لنفسك ، وصفها لنا أحدهم بقوله " من تفرس في نفسه فعرفها ، صحت له الفراسة في غيره وأحكمها " ،، عندها تكون أنت وليس غيرك ، هي النتيجة النهائية للصراع الداخلي كما وصفها أحدهم بقوله " أن تكون نفسك ، يالها من مهمةٍ شاقةٍ " ، عندها تزنها بمعيارين لك : أحدهما : الخوف من الله تعالى ، الناتج من الاتصال المستمر بالله عز وجل ،، والآخر : منهج الأنبياء عليهم السلام ، المنهج الصافي منهج القرآن المتحرك في الأرض .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق