الخميس، 27 يناير 2011

كن مبتسماً

تعتبر الابتسامة إحدى لغات الجسد ، ووسيلة من وسائل الاتصال غير اللفظي لدى الكائن البشري ،، فالابتسامة سلاحٌ قويٌ وفعالٌ ، يستخدمه الإنسان منذ طفولته ، للاقتراب والتودد للآخرين , فالطفل يتعلم الابتسامة بعد ولادته بستة أسابيع ، ويؤكد خبراء الأحاسيس الإنسانية ، بـأن الشخص الذي يبتسم كثيراً يكون لـه تأثيرٌ إيجابيٌ في الآخـريـن ، أكثر من
51
الشخص الذي يبدو وجهه جاداً دائماً ، لذلك يعتبر المبتسمون أناساً دافئين ودودين ،، ويمكن القول بأن الابتسامة هي واحدةٌ من أهم العناصر في لغة الجسد التي نمتلكها ، فالابتسامة الصادرة من القلب هي ما تنفرد به الكائنات البشرية عن غيرها من الكائنات ، أما الابتسامة التي قد تبدو سلوكاً إنسانيا بسيطاً فهي في حقيقتها سلوكٌ معقدٌ ،، وللابتسامة أنـواعٌ ومعانٍ : فهناك الابتسامة الصادقة ، والزائفة ، والخجلى ، والمنافقة ، والغامضة ، والقلقة ، وغيرها ،، كما أن الابتسامة تحتوي على مجازٍ من الألوان : فهناك الابتسامة البيضاء " أي الصادقة " ، والصفراء " أي الزائفة " ، والسوداء " أي اليائسة " ، وغيرها ،، ويؤكد الباحثون على وجـود ثمانيةَ عشرَ نوعاً من الابتسامة , ومن بين هذه الأنواع المختلفة ، هناك نوعٌ واحدٌ فقط حقيقيٌ ودافئٌ هو الابتسامة الصادقة ،، وهناك طائفةٌ كبيرةٌ من المشاعر والأحاسيس تعبر عنها الابتسامة ، فالإنسان يبتسم عندما يكون مبتهجاً ، أو يائساً ، أو حَرِجاً ، أو خَجِلاً ، أو لتغطية عدم الراحة ، أو لإرضاء شخصٍ أقوى اجتماعياً ،، لذلك فإن للابتسامة مُسمياتٌ حسب نوع المشاعر التي تعبر عنها : فمن ابتسامة الابتهاج العريضة ، إلى الابتسامة الخجلى ، إلى الابتسامة الغامضة ، ومن الابتسامة الاجتماعية المهذبة ، إلى الابتسامة الزائفة ،، ولكون الابتسامة أنواع ، فإن الإنسان المتلقي ، يعرف أكثر من غيره معنى الابتسامة المقصودة والموجهة إليه ، ويستشعر العواطف والأحاسيس التي تنطوي عليها هذه الابتسامة ،، وتعتمد الابتسامات بأنواعها على عضلاتِ الوجه ، فجميعها تستخدم عضلات الوجه استخداماً مختلفاً ، ويستطيع الانسان توظيف خبرته الإدراكية ، التي يستمدها من التفاعل الاجتماعي ، في التمييز بين أنواع الابتسامات ، ومغزاها الشعوري ،، وتؤثر المشاعر الحقيقية على عضلات جانبَيْ الوجه بالتساوي ، أما إذا كانت المشاعر زائفةً ، فإن حركة عضلات الجانب الايسر من الوجه تفضح الاحساس الكاذب ، لأن عضلات الجانب الأيسر من الوجه أكثر تعبيراً من عضلات الجانب الأيمن ،، وسبب صعوبة تزييف الابتسامة يعود إلى أن عضلات الوجه ذات العلاقة بالابتسامة ، ليست تحت سيطرة الإنسان الواعية ،، فالابتسامة الحقيقية تحتاج إلى مجموعتين من العضلات : أحدهما موجودةٌ حول الفم ، وبالإمكان تحريكها إرادياً ً، والأخرى موجودةٌ حول العينين ، ولا تستجيب بحركتها إلا للمشاعر الحقيقية ،،، وتعتبر الابتسامة البيضاء " الصادقة الحقيقية " هي الاداة الصحيحة التي تعبر عن الابتهاج العفوي ، والسرور وصدق المشاعر , وفيها ترفع عضلة وجنات الوجه الرئيسية زاويتي الفم ، بينما يرتفع الخد بفعل عضلة أخرى ، ويجذب البشرة حول محجر العين إلى الداخل , وبقدر ما تكون العاطفة أقوى ، يتحدد أكثر فعل هـذه العضلة ،، وهذه الابتسامة تكون قصيرة ، إذْ أن أكثر الابتسامات إخلاصاً ، والصادرة من
52
القلب ، نادراً ماتلبث ظاهرة أكثر من أربعِ ثوانٍ ، وقد تدوم نحو ثلثي الثانية ،، أما الابتسامة الزائفة فهي ابتسامةٌ غير متناسقةٍ ، وغير متسقةٍ ، وكأن بعض الوجه يبتسم والبعض الآخر لايبتسم ، فهي مضللةٌ عن عَمَدٍ , كما انها تدوم أطول من النوع الحقيقي ، وهي أبطأ بالنسبة للانتشار عبر الوجه ،، ويقرر الخبراء بأن الابتسامة الزائفة هـي الأكثر شيوعاً بين الناس ،، وبما ان الابتسامة الصفراء " الزائفة "  هي الرائجة ، إذاً كيف لك ان تتعرف عليها ؟ إن أكبر إفشاءٍ غير مقصودٍ للتعرف على هذه الابتسامة هما العينان , فالعينان اللتان تضيقان عندما تكون الابتسامة من القلب ، تجدها تبقيان غير متأثرتين عندما يغطي الشخص بابتسامته الزائفة عواطف سلبية ،، لذلك تفحص العينين من أجـل الـتـعـرف على خطوط الابتسامة ، وحرارة التعبير ، أما الإفشاء غير المقصود الثاني للتعرف على نوعية الابتسامة فهو الفم , انظر إلى الفم , عندما تكون الشفة العليا مرتفعة ، بطريقةٍ مبالغٍ فيها ، بينما تبدو الشفة السفلى مربعةً ، دونما أي حركة في الفك ، لتتأكد حينها بأنها ابتسامةٌ زائفةٌ ،، إذاً لِمَ تخدع الابتسامة المزيفة أي شخص ؟ لأنها تحدث إحساساً مزعجاً ، وغير لطيفٍ للناظر الذي لايكون قادراً على تحليل رد فعله عليها ، ولكنه غريزياً سرعان ما يدرك بأن هناك شيئاً ليس بصحيحٍ ،، فالعضلات حول أعيننا والتي نستعملها للابتسامة الصادقة لا يمكن وضعها تحت السيطرة الشعورية الإرادية للدماغ ،، لذا ففي حالة الابتسامة الزائفة فإن الشفتين وحدهما يمكنهما أن تكذبا ، أما العضلات حول أعيننا فهي عضلاتٌ صادقةٌ بريئةٌ ، لا نستطيع توظيفها للمشاعر الكاذبة ،،، إن الناس الذين يحبون أن تكون في شخصية من يحبونهم الابتسامة الصادقة ، هم من أكثر الناس محبةً ،، لذلك من فضلك ابتسم ! .
إن الابتسامة بوابة الحب , وطريق المودة والقرب , ولوحة الجمال , وزينة النساء والرجال ,، والابتسامة عمل لا يُستر , وفِعْلٌ لا يُنكر , تلقى عدوك بالابتسامة ، فتشعل في قلبه مصباح الحب لك بعد ظلمة , وتجمل في عينيه ملامحك بعد غضبه ،، والابتسامة مصيدة التسلل فلا تسجل عليك أي هزيمةٍ , وبالابتسامة ينظر المحبان إلى طريقٍ واحدٍ , وينسى كل منهما عتابه لصديقه , ولا يذكرأنه إلا كالسراب ، والابتسامة تصل إلى قلبك وأنت تحدث صديقك بالهاتف ، وهي أقوى حكومةً في الأرض , وأكبر رِشوةً للقلب ! وهي قُبْلَةُ الحب في محراب النشيد ،، بالابتسامة تلتقي الأرواح ، وتحلو الأفراح ،، والبسمة مملكة الجمال , ومخفية الأعمار ، ومهدئة الأعباء والأثقال ، وهي ورب الكعبة نورٌ يتلألأ , وريحانة تهتز ، فهي رفيقة الطريق , وهازمة الضيق ، مع البسمة تذكر الحسنات , وتُخْفِي السيئات , وتُنْسِي الزلات , وتُقالُ العثرات ، والبسمة حركة الأوداج , ولكن معها تتحرك الأمواج ، وتتسامح الأفواج .
53
      منك الـجـمـال ومني اللحن الشادي                  يا قــبلـة الحب في محراب إنشادي
          وحـدي أغنّيكِ تـحـت الليل منتظراً    لقيا السلام وأشـواق الـهـدى زادي
           هـنـا أناجـيك والأطـيـاف تدفعني    في عـالـم الحب مـن وادٍ إلى وادي
          وحــدي أناجيك مـن خلف الشجون         فـيـا نَجيّة الحـب نادي لوعتي نادي

فنون البسمة : للبسمة فنوناً أهمها :
1-       ابتسم تبتسم لك الدنيا : افعل كما كان يفعل حبيبك ونبيك محمدٌ صلى الله عليه وسلم، يقول جـريـر بن عبدالله رضي الله عنه : مارآني رسـول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا ابتسم في وجهي ،، تأمل ماهو الشيء الذي خلد في ذاكرة هذا الصحابي؟ طبعاً إنها البسمة الحلوة الدائمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجوَدَ أَبَشْ , أي بشوشٌ مبتسمٌ . وجعل النبي صلى الله عليه وسلم حركة الشفة صدقةً يُثابُ عليها الإنسان ، قال صلى الله عليه وسلم ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) ، فإن لم تملك المال كي تنفقه صدقةً في سبيل الله , فالبسمة وسماحة النفس صدقةٌ عظيمةٌ تفي بالغرض ,، كيف لاتكون صدقةً , وبها تبهج من أمامك , وتشرح صدره , وتدخل السرور عليه , وتخفف بها من معاناته ، وتكون هي البوابة للمحبة والمودة ؟ .

2-       تصدق بالبسمة في كل مكان : احمِلْ هذه الهدية الحلوة ، هدية الابتسامة في كل مكان , ولا تخرجها في أوقاتٍ محددةٍ , ولا تجعلها لأناسٍ معينين ، بل عود نفسك البسمة الحلوة في كل مكان , أثناء اللقاءات الحارة ، والاجتماعات الساخنة , والحوارات الحادة , فحوِّل بها اللقاء إلى متعة وحُبٍ وإخاء , مهما حدث أو حصل ،، ففي إحدى الدراسات العلمية وُجِدَ بأن الابتسامة لها تأثيرٌ كبيرٌ على الراحة النفسية , ولذا تجد الناس يحبون الأطفال ، لأنهم أكثر تبسماً من غيرهم .

3-       وزع الابتسامة بفنٍ : فأول الابتسامات جمالاً ، رضاك على أمر ربك ، وما اختاره الله لك ، فتطمئن وتفرح , وترضى بأمره ،، فابتسم وأنت ترى جمال الكون , وسحر الطبيعة ، ورفرفة الطيور , وحركة الأمواج , ووداع الشمس ، ونسمة الهواء ،، وابتسم وأنت تسمع شدو العصافير، وتحس بنسمة الهواء اللطيفة،، ثم ابتسم لوالديك , فهما أحق الناس بالابتسامة ، وأقبل عليهما بالبِشْرِ والبسمة ، واختم يـومـك معهما  
54
مبتسماً فرحاً ،، وأجدك مضطراً لأن تبتسم لأحبائك وإخوانك وجيرانك وأقربائك ، فابتسم ولو كنت تتحدث معهم بالهاتف ! فالكلام سِحْرٌ , والبسمة مادته ، وجرب مااستطعت أن تبتسم في وجه من خالفك , وأغضبك , وأساء إليك .
                  وأخيراً وليس آخراً ،،، أبتسم ! نعم أبتسم أمام كل من يحتاجها أبتسامة ترد له سعادته وتنسيه همه ,، احـتـرم ابتسامتك في الـحـلال الطيب , ولا تستثمرها فيما لا يـرضـي الله , أتعرف لماذا ياأخـي المسلم ؟ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً , وجميلٌ يحب الجمال ,، ولا أحسبك ياأخي المسلم إلا طيباً تحب الطيب والجمال , ولا تنسى بأن البسمة صدقة , والله يتقبل من المتقين ،، ،، أودعك الآن مبتسماً ، وشاكراً لك ، وكأن الحياة فيك ابتسام ، والجمال فيك مُمَثَّل ،، تقبل الله ابتساماتكم صدقات عنده دنياً وأخرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق