الخميس، 27 يناير 2011

كن عظيماً

العظماء ينظرون لأنفسهم دوماً نظرة احترام وتقدير ، فمن الصعب أن ينظر الإنسان إلى نفسه نظرة احتقار ، ليكون بعد ذلك رقماً صعباًً في الحياة ، متميزاً في حياته ، فالعظيم لابد أن يكون عظيماً في نفسه ، ولا يكون ذلك إلا بالثقة بالنفس ، وتقدير الذات ، واحترام كل خطوة يخطوها الإنسان ، فإن كانت خاطئة فهي درس وتعليمٌ له ، وإن كانت صحيحةً فهي نتيجةٌ حتميةٌ للتعلم والتطور المستمر ،، نحتاج إلى العظماء في حياتنا ، لأنهم الأرقام الصعبة التي لا تقبل القسمة على أي شيءٍ ، فهم مميزون في حياتهم ، ومنفردون في شخصياتهم ، يشار إليهم بالإنجاز والإبداع في أي مجال يلتحقون به، ولا يرضون بشيءٍ غير التميز المطلق، فهم عظماء في أنفسهم وفي حياتهم ، فهمتهم عاليةٌ ، وطموحاتهم كبيرةٌ ، وهـم مقتنعون كثيراً بما قسمه الله لهم ، ولكن لا يقتنعون بإنجازاتهم ، فكل إنجاز مهما كَبُرَ وعلا شأنه ، فإنه يجرهم إلى مزيدٍ من الإبداع والتألق ومواصلة تلك الإنجازات .
يكمن الفرق بين الإنسان العادي والعظيم في نظرة كل منهما إلى الأمور ، فالشخص العادي يكفيه أي شيءٍ وبأي طريقةٍ ، على عكس ذلك العظيم الذي لا يرتاح ولا يقف إلا إذا حقق التميز في أي عمل يقوم به ، ويحاول بكل جهده وبشتى الطرق أن يكون عمله مختلفاً عن الآخرين ، متميزاً عن نظيره من الأعمال ، وهذا ما يجعلهم محط إعجابٍ وإثارةٍ عند الكثير من الناس ،،، وحتى يكون الإنسان عظيماً ، لابد أن يكون كذلك عظيماً مع الآخرين ، لأن هناك فرقاً بين أن ينظر الإنسان إلى نفسه كعظيمٍ ، وبين آخرَ يتكبر على الناس ويترفع عنهم ، ظاناً أنه أفضل منهم شأناً ومكانةً ، بل على العكس ، فالعظيم متواضع للآخرين ، يحترمهم ويقدر مايقومون به من أعمال ، ومن المستحيل أن يحتقر أحدَ الناسِ أو يحتقرَ أعمالهم ، لأنه على يقين من أن نجاحه في الحياة هو من نجاح الآخرين، وكل شخص يلتقيه هو مهمٌ بالنسبة إليه، فالاهتمام بالناس شعاره ، والحرص عليهم هو واجبه ، والوقوف معهم في أي حدثٍ يمرون فيه هو قراره ، وكسب الآخرين هو رسالته في هذه الحياة .
إن العظماء يتعلمون من حياتهم ومن تجاربهم ، فحياتهم تجاربٌ مستمرةٌ متواصلةٌ ، ومن الصعب أن تمر على العظيمِ المواقفُ والتجاربُ ولا يستفيد منها  ،فكل لحظةٍ وكل تجربةٍ هي إضافةٌ لابد منها  ، وهي درسٌ سيجعله مواصلاً التألق ، ومواصلاً رحلة التميز والازدهار، وعندما يقرر الإنسان التوقف عن طلب العلم والتطور والإبداع  ، هنا يحكم على نفسه بالتوقف ويمنح الآخرين فرصة التقدم عليه ، والأكثر من ذلك أنه بعد مدة سيجد نفسه وقد أصبح دونهم
في العلم والمعرفة وسيبقى في مؤخرة القافلة ، ومن الصعب أن يصنف نفسه في قائمة العظماء ،، إن العظيم لا يفكر بنفسه فقط ، ولا يكون أنانياً ، وفي المقابل لا يضحي بنفسه كثيراً من أجل الآخرين ، بل تجده متوازناً في حياته ، يعرف حق نفسه وحق الآخرين وحق ربه سبحانه وتعالى ، ولا يقصر في إسداء تلك الحقوق ، ويعلم بأن قوته في توازنه ، وأن سياسة " أنا أربـح وأنت تربح " لا تكفيه ، بل سياسة الكل يربح هي التي يختارها في حياته ، فهو يبذل الجهد ليربح ويكسب في حياته ويساهم في ربح الآخرين ويهتم بهم ، ولا ينسى مجتمعه الذي قدم له الكثير ، وهذا ما يجعله حريصاً بشدة على مصلحة المجتمع ومصلحة كـل من حوله من الناس ،، فالعظماء هم من يخلقون الفارق في أي مكان يوجدون فيه ، لأنهم يرفضون الروتين ، ويحرصون على التجدد والإبداع ، وهؤلاء هم الذين يصنعون المؤسسات ، وهم الذين يحدثون العقول ، لأن الكثير من الناس وصلوا إلى مرحلة القبول بأي شيءٍ ، وهذا ماجعلهم جامدون في أمكنتهم بلا حراكٍ .
وأخيراً ،، لو بحثت في سيرة العظماء ، لوجدتهم أناساً مكافحين مثابرين ، لا يقفون أبداً مكتوفي الأيدي أمام المصاعب والعقبات ، بل سرعان ما يبحثون عن الحل ويصنعونه ، حتى وإن كان غير موجودٍ ،، وأكثر ما يميز العظماء اقتناصهم الفرص ، لبناء أنفسهم ، وبناء مؤسساتهم ، وهنا تكمن العظمة كما يقول الشيخ محمد بن راشد في كتاب رؤيتي { الفرق بين من يقتنص هذه الفرص ومن يضيعها ، ليس كالفرق بين التوسع والانكماش فقط ، أو بين الثروة والإفلاس ، بل كالفرق بين البقاء والفناء } .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق