السبت، 8 يناير 2011

كن مرناً

تختلف وجهات نظرنا وتصرفاتنا ، بحيث نجد أنفسنا في بعض اللحظات في مواقف لانحسد عليها ،، هذا الاختلاف هو رحمةٌ من الله عز وجل ، ومع ذلك يبقى على من يرغب في الوصول لقلوب الآخرين ، والثاتير فيهم ، أو حتى قيادتهم ، من ثتبيت برنامجٍ عقليٍ مهمٍ جداً هو برنامج المرونة ، وهو برنامجٌ ضروريٌ لمن يخطط لحياةٍ ناجحةٍ ،، إن المرونة من الافتراضات المسبقة للبرمجة اللغوية العصبية ، والأكثر مرونةً هو الذي يحكم الأمور ، حيث يهتم هذا العلم ، بتعريف الإنسان على الطريقة السليمة لتحديد هدفه ، سواءٌ كان الهدف يتعلق بأمرٍ عامٍ ، كتحديد الهدف من الدراسة ، أو كان يتعلق بأمرٍ أكثر تحديداً ، كالهدف من تطبيق تقنيةٍ من تقنيات البرمجة ، إذْ هي تُطْلِعُنا على تقنياتٍ عديدةٍ ، تساعد الإنسان على معرفة ماذا يريد ، وما هي أنسب الطرق للوصول إليه ؟ وتساعده كذلك في مواجهة كل مايعترض طريق أهدافه ، من التخوف والتردد والحيرة ، والصراع النفسي ، وتؤسس عنده حالةً شعوريةً مستقرةً ، تجاه هدفه المأمول ، وتجعله يتصور المستقبل ، ليستشعر هدفه ، ويؤمن بإمكانية تحقيقه ، ويرى بوضوحٍ قراراته وخطواته التي ينبغي أن يتخذها ، ويرى آثارها ونتائجها المتوقعة ، ولكن كلما ذُكِرَ الهدف أو الحصيلة ، ذُكِرَ معه ركنٌ لايقل أهميةً ، بل هو أحد الدعائم التي تساعد على تحقيقه ، ذلك هو ركن المرونة ، ولكن بعد تحديد الهدف ، واختيار طريقةٍ لتحقيقه ، وقد نجد بالممارسة أن هذه الطريقة لن تساعدنا على بلوغ الهدف ، لذلك نحتاج إلى المرونة ، للبحث عن وسيلةٍ أخرى ، ومالم نكن مزودين بالعديد من الوسائل ، للتعامل مع الموقف ، فسنجد أنفسنا نفشل في الوصول إلى الهدف ،، كما أن تحقيق المرونة يتطلب هدوءَ الأعصاب ، عند التعامل مع الموقف ، وإلا فإننا سنفشل في الانتقال لوسيلةٍ أخـرى ، وفي النهاية سنجد أن وجود العديد من الخيارات ، توفر لنا فرصاً أكثر للنجاح ، كما أن درجة مرونتنا ، وتقبلنا لتغيير الوسيلة ، سيكون لها الأثر الحاسم في تحقيق الهدف ،،، إذاً فالمرونة هي القدرة على تغيير أي شيءٍ من روتين الحياة ، كالعادات، أو السلوكيات، أو طرق التفكير، أو استراتيجيات التعامل ، أو أي شيء يمكن تغييره ، فيما عدا الثوابت طبعاً ، ولدينا فرضيةٌ في البرمجة العصبية : فالشخص الذي لديه مرونةٌ عاليةٌ في التفكير و السلوك ، هو الذي تكون لديه سيطرةٌ و تحكمٌ أكبر في الأوضاع . ويختصرها البعض بقوله " إن الأكثر مرونةً ، هو الأكثر سيطرةً وتأثيراً " ،، وإذا جاز التعبير لنا ، فالكثير من الناس يتصرفون كالذبابة ، ويعيدون ويكررون أنـمـاط السلوك الفاشلة ، ويقولون نـفـس الأشياء ، و يفعلون ذاتها ،
وفي النهاية يسودهم التعب و الإجهاد ، والإحباط ، ذلك لأن الجزء المرن في أي منظومةٍ ، يكون غالبا هو الأكثر تأثيراً في قيادتها وتوجيهها ، ولا يقتصر ذلك على المنظومات البشرية والاجتماعية فحسب ، بل هي قاعدةٌ صحيحةٌ ، حتى في المنظومات الآلية ،، فالسفينة الضخمة العملاقة ، التي تمخر العباب ، حاملةً آلاف الأطنان ، لها في مؤخرتها السفلية أجزاءً مرنةً متغيرةً ، منها الدفة والمراوح ، وهذه الأجزاء الصغيرة المرنة هي المتحكمة في تحريك وتوجيه هذا الكيان الضخم الكبير ، والطائرات العملاقة التي تحمل مئات الأطنان ، وتسبح بها في الفضاء ، لها جنيحاتٍ صغيرةٍ ، هي عبارةٌ عن أجزاءٍ مرنةٍ في مؤخرة جناحي الطائرة ، ومؤخرة ذيلها ، وهذه الأجزاء الصغيرة المرنة هي المتحكمة في توجيه هذه الطائرة العملاقة ، ارتفاعاً وانخفاضاً ،  وانعطافاً لليمين أو الشمال ،، لذلك يؤكد علم البرمجة اللغوية العصبية ، على أن الأكثر مرونةً هو الأكثر تحكماً في الأمور ،، وتعني : أن الجزء الأكثر مرونةً في النظام هو الذي يتحكم في النظام كله ، فمقود السيارة يتحكم فيها .
وتجارب التاريخ والواقع ، تثبت بأن الإنسان الأكثر مرونةً في أفكاره وسلوكه ، أقدر على النجاح من غيره ،، لذا إليك هذه الاستراتيجية التالية : " قم دائماً بممارسة دورة الفعل والتعديل : خطط ، وتصرف ، وقيم النتائج ، وعدل الخطط ،، يجب أن يكون طبعنا الالتزام بالهدف ، والمرونة في الأسلوب ، فحينما يبدو لنا قصوراً في طريقة ما للوصول إلى الحصيلة ، حينها نقوم بتغييرها فوراً ، فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وحتى لاتصبح عائقا دونها ،، يقول الدكتور بدر الرويس " المرونة راحةٌ ذهنيةٌ ، وقدرةٌ للانتقال من خيارٍ لآخر ، ومن خياراتٍ جيدةٍ ، إلى خياراتٍ ممتازةٍ ، بل والنزول للخيارات الجيدة بدلاً من الممتازة في بعض الأوقات مناسبةٌ ، وذلك لأن قـدرتـنـا على المرونة ، تكسبنا القدرة على التغيير ، وقدرتنا على التغيير تكسبنا خياراتٍ جديدة ، و تجعلنا في سعةٍ من أمرنا ، وتجدد حياتنا بشكلٍ يدفع الملل والسأم ، وتحررنا من أسر الروتين ، و سجن العادة ، و هذا كله يجعل حياتنا أرحب و أسهل ، شرط أن يكون التغيير محسوبَ العواقب والآثار ، ولكي يتوفر شرط التحكم في أمورنا ، عن طريق المرونة ، يجب أن يكون الإنسان قادراً على فرض ذاته ، وإفراز مواهبه ، وإبداء رأيه في كل ماهو جديدٌ ومفيدٌ ،، فإذا كان فعلاً يريد أن يغير من حياته شيئاً ما ، ويريد أن يصبح إنساناً متميزاً فعلاً ، ويعبر عن ذلك بسلوكياتٍ وأفعالٍ إيجابيةٍ ، فهو إنسانٌ مرنٌ ، وقادرٌ على النجاح ، شرط أن يحب نفسه ، ويسعى لإسعادها ، بالطبع بعيداً عن مفاتن الحياة وشهواتها " ،، ويتابع الدكتور بدر الرويس قائلاً  " كن مرناً في تفكيرك ،، مرناً في حلولك ، مـرنـاً في استراتيجياتك ، مرناً مع الآخرين ، و الأهم من ذلك مرن مع نفسك ،
وفي تعاملك معها ،،  وعندي قناعةً تامةٌ بأن أغلب مشاكلنا ، هي في تعاملنا مع أنفسنا ، ومشاكلنا في بيتنا الداخلي ،، إذاً لا تقصر بأمور دينك ، فالتقرب من الله يقربك من قلوب الناس ، ولا تكتفي بمرحلةٍ معينةٍ للدراسة ، ولا تنظر لمن هو أتعس منك ، بل انظر للأسعد ، وحاول أن تصبح أسعد منه ، ولا تترك لنفسك وقت فراغٍ ، بل حاول دائماً ملأه ، ولا تدفن هواياتك ، فربما كانت هي مستقبلك يوماً ما ، ولا تستسلم للفشل ، فهو من دوافع الحياة وكما يضرك مرةًُ، فإنه يفيدك ألف مرةٍ ، ولكن إياك أن تكرر الخطأ مرةً أخرى ، وتعلم من أخطائك ، واعلم دائماً بأن ليس من الغباء أن تخطيء ، ولكن الغباء هو أن تكرر الخطأ ، وأحبب نفسك ، وتذكر وأنت تحبها ، أن تحب من حولك، حينها ستشعر حتماً بالسعادة والتميز، لأنك تحب نفسك ، وتسعى لإسعاد من حولك " .
            هذه هي المرونة ، أن تحب الناس ، وأنت راضٍ عن نفسك ، تذكر بأنك إنسانٌ ، مثلك مثل غيرك ، وابتعد عن سياسة النمل القاتل " النقد ، والمقارنة ، واللوم " ،، إن الإنسان الأكثر مرونةً ، يتحكم في الأمور بسلاسةٍ ، وهو قادرٌ على أن يعيد الثقة لنفسه ، ويكون قادراً على التغيير ،، ويحقق أهدافه متى ماالتزم بهذا الركن ، جنباً إلى جنبٍ ، مع باقي أركان البرمجة اللغوية ، ويتعلم كذلك مهاراتٍ رائعةٍ في القدرة على الاختيار ، والقدرة على متابعة المسير ، ويفكر إيجابياً في حياته ، وتكوين بيئةٍ إيجابيةٍ في البيت والعمل ، وجميع جوانب الحياة ، ويدير ذاته ، ويتحكم في الانفعالات ، ويفعل القدرات والطاقات الكامنة ، دون مللٍ ، مع القدرة على تجديدها ، متى ماأحس بضرورة ذلك ، وكذلك يصنع الألفة والتوافق مع الآخرين ، ويوجد روابط إيجابيةٍ فعالة الأداء ، ويحاكي الامتياز البشري ، ويتعلم منه ، ويصنع الانسجام الداخلي والخارجي، ويخلق الثقة و الدافعية الذاتية ، ودائرة الامتياز ، ويتخلص من المشاعر ، والتجارب السلبية، ويستمر في التعلم داخل إطار الحصيلة ، ويصل للتوازن في مواقع الإدراك ، ويخلق تقنياتٍ فعالةٍ في صناعة النجاح ، ويستفيد من تعدد الخيارات الممكنة ، والمتاحة له ، للوصول لهدفه ،، وإليكم هذا النموذج الرائع الذي يثبت بأن الأكثر مرونة يتحكم في الأمـور : " نزل الوحي على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في غار حراء ، لتبتدئ بذلك مرحلة الدعوة السرية ، التي استمرت ثلاث سنواتٍ ، ثم الانتقال إلى مرحلة الدعوة الجهرية في مكة ، التي بدورها ابتدأت بالدعوة في الأقربين ، ثم إلى عامة قريش ، ثم لتبدأ معانات المسلمين ، ولكنهم لم يتخلوا عن الهدف ، بل كانوا أكثر مرونةً في تحقيقه ،، فجاء الأمر بالهجرة إلى الحبشة ، ثم لتبدأ المرحلة الثالثة ، وهي دعوة الإسلام خارج مكة ، ثم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، حينها نزل الأمـر الإلهي بالإذن بالقتال ، وتأتي الغزوات حينها تحمل
الفوز ، كما تحمل الهزيمة ، ثم تأتي المرحلة الرابعة من الدعوة ، وهي مكاتبة الملوك والأمراء ، وبعدها فقط يأتي فتح مكة ، والانتصار التام للإسلام " ،، لقد كانت مسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً فريداً في المرونة ، والتحكم في الأمر ، ويكفي قول الله تعالى ( ولو كنتَ فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) " سورة آل عمران آية 159 " .

وأخيراً ،،، من أراد النجاح ، فينبغي له أن يتعلم كيف يصبح أكثر مرونةً ، فالأكثر مرونةً ، هو الذي يتحكم في الأمور ، وتذكر دائماً " عدم تقدير الذات ، والخوف من الفشل ، وضعف العزيمة ، ومثلث بيرمودا ، الذي يهدد نجاحك ، ويتوعدك بالغرق ، وامسح هذه المنطقة من خريطة تفكيرك ، فهي قوةٌ مدمرةٌ ، تجرك لتصير كومةً من حطامٍ على شاطئِ الحياة ، وإن خانتك الدفة يوماً ، فكن مَرِناً ، وغير الاتجاه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق