الخميس، 27 يناير 2011

كن صائماً

لتدخل من باب الريان ،، فهذه رسالة في بيان فضل الصيام ومضاعفة الأجر فيه ، وبيان لماذا خص الله تعالى الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال وتوضيح الأثر الذي يتركه الصيام على النفس من تزكيتها وتهذيبها ثم بيان طبقات الصائمين ، وما أعد الله لهم من
جنته ، وقد اخترناها لك من كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ، للحافظ ابن رجب الحنبلي وقد سميناها " فضل الصيام " ،،، نسأل الله تعالى أن ينفع بها ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ،، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله عز وجل : إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزئ به ، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ، للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) .

الصيام ومضاعفة الأجر :
استثنى الله الـصـوم من الأعمال كلها ، تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد ، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة بغير حصر عـدد ، فإن الصيام من الصبر ، قال تعالى ( إنما يُوفَى الصابرون أجرهم بغير حسابٍ ) " سورة الزمر آية 10 " ،، ولهذا ورد عـن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر ، وفي الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الصوم نصف الصبر ) ، والصبر ثلاثة أنواعٍ : صبرٌ على طاعة الله ، وصبرٌ عن محارم الله ، وصبرٌ على أقدار الله المؤلمة ،، وتجتمع هذه الثلاثة كلها في الصوم ، فإن فيه صبراً على طاعة الله ، وصبراً عما حرم الله على الصائم من الشهوات ، وصبراً على مايحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش، وضعف النفس والبدن ، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه .

واعلم أخي المسلم ، بأن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها : شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل ، كالحَرَم ، ولذلك تضاعف الصلاة في المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، كما قال صلى اله عليه وسلم ( صـلاة في مسجدي هـذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد ، إلا المسجد الحرام ) ، ومنها : شرف الزمان ، كشهر رمضان ، وعشر ذي الحجة ، كما قال صلى اله عليه وسلم ( من تطوع فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ) ،، فلما كان الصيام في نفسه مضاعفاً أجره بالنسبة لسائر الأعمال ، كان شهر رمضان مضاعفاً على سائر الصيام ، وذلك لشرف الزمان ، وكونه هو الصوم الذي فرضه الله على عباده ، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها .
خصوصية إضافة الله الصيام لنفسه دون سائر الأعمال :
خص الله الصيام بإضافته لنفسه دون سائـر الأعـمـال ، فقال في الحديث القدسي ( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) ،، وقد كثر القول في معنى ذلك من الفقهاء وغيرهم ، وذكروا فيه وجوها كثيرة ومن أحسن ماذكر فيه وجهان : أحدهما : أن الصيام هو مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية ، التي جُبِلَتْ على الميل إليها لله عز وجل ، ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام ، لأن الإحرام إنما يترك فيه الجماع ودواعيه من الطيب دون سائر الشهوات من الأكل والشرب ، وكذلك الاعتكاف ، مع أنه تابع للصيام ، وأما الصلاة فإنه وإن ترك المصلي الطعام والشراب في صلاته ، بل وقد نهي الله أن يصلي امسلم ونفسه تتوق إلى طعام بحضرته ، حتى يتناول منه مايسكن نفسه ، ولهذا أمر بتقديم العشاء على الصلاة ، وهذا بخلاف الصيام ، فإنه يستوعب النهار كله ، فيجد الصائم فيه فقدان هذه الشهوات ، وتتوق نفسه إليها خصوصا في نهاره صيفاً ، لشدة حره وطوله ، ولهذا روي أن من خصال الإيمان الصوم في الصيف ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم رمضان في السفر في شـدة الحر دون أصحابه ، كما قال أبو الدرداء ، وورد أنه صلى الله عليه وسلم كان بالعرج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر ، فإذا اشتد توقان النفس إلى ماتشتهيه مع قدرتها عليه ثم تركته لله عز وجل في موضع لا يطلع عليه إلا الله ، كان ذلك دليلاً على صحة الإيمان ، فالصائم يعلم أن له رَباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرم عليه تناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة ، فأطاع ربه وامتثل أمره واجتنب نهيه ، خوفاً من عقابه ورغبة في ثوابه ، فشكر الله تعالى له ذلك ، واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر الأعمال ، ولهذا قال بعد ذلك ( إنه إنما ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ) ،، ولما علم المؤمن الصائم أن رضا مولاه من ترك شهواته ، قدم رضا مولاه ، فصارت لذته في ترك شهوته لله ، لإيمانه باطلاع الله عليه ، وثوابه وعقابه أعظم من لذته في تناولها في الخلوة ، إيثاراً لرضا ربه على هوى نفسه ، بل المؤمن يكره ذلك في خلوته أشد من كراهته لألم الضرب ،، فمن علامات الإيمان أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه ، فتصير لذته فيما يرضي الله، وإن كان مخالفا لهواه ، ويكون ألمه فيما يكرهه مولاه ، وإن كان موافقا لهواه، وكما قيل:
عـذابـه فيك عـذب                                          وبـعده فيك قــرب
وأنت عنـدي كروحي                                     بـل أنت منها أحـب
حسبي من الحب أني                                       لـمـا تحب أحــب
أما الوجه الآخر فهو  : أن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره ، لأنه مركب من نية باطنةٍ ، لا يطلع عليها إلا الله ، وتركٌ لتناول الشهوات التي يستخفى بتناولها في العادة ، ولذلك قيل " لاتكتبه الحفظة " ،، وقيل " إنه ليس فيه رياء " ،، وقد يرجح القول الأول في ذلك ،، فإن من ترك ما تدعوه نفسه إليه لله عز وجل ، حيث لا يطلع عليه غير من أمره ونهيه ، دل على صحة إيمانه بالله ، والله تعالى يحب من عباده أن يعاملوه سراً بينهم وبينه ، حيث لايطلع على معاملتهم سواه ، حتى كان بعضهم لما اطلع على بعض سرائره : إنما كانت تطيب الحياة لما كانت المعاملة بيني وبينه سرا ثم دعا لنفسه بالموت فمات ،، فالمحبون يغارون من اطلاع الأغيار على الأسرار التي بينهم وبين من يحبهم ويحبونه .

لاتـذع الـسـر المصون فإنني                   أغار على ذكر الأحبة من صحبي

الصيام وتربية النفس :
في التقرب إلى الله تعالى بترك ما تشتهيه نفس الصائم من الطعام والشراب والنكاح فوائد عديدةٌ منها على سبيل المثال لاالحصر : كسر النفس : فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على البطر والغفلة ،، ومن الفوائد : تخلي القلب للفكر والذكر ، فإن تناول هذه الشهوات قد يقسي القلب ويعميه ، ويحول بين العبد وربه عن الذكر والفكر ، ويستدعي الغفلة وخلو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب ، ويوجب رقته ، ويزيل قسوته ، ويخليه للذكر والفكر ،، ومن الفوائد : أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بإقداره له على مامنعه كثيراً من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح ، فإنه بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص ، وحصول المشقة له بذلك ، يتذكر به من منع ذلك على الإطلاق ، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى ، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك ،،  ومن الفوائد : أن الصيام يضيق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم ، فإن الشيطان يجري من اين آدم مجرى الدم ، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان ، وتنكسر سورة الشهوة والغضب ، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الصوم وجاء لقطعه عن شهوة النكاح ،، واعلم بأنه لايتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرمه الله في كل حال ، كالكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) ، وقال بعض السلف { أهـون الصيام تـرك الـشـراب
والطعام } ، وقال جابر رضي الله عنه { إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ، ودع أذى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء } ، وصدق من قال :
إذا لـم يكـن في السمع مني تصاون                        وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحظي إذا مـن صومي الجوع والظما                       فـإن قلت إني صمت يومي فما صمت

وسر هذا ، أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات ، لايكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات ، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب بترك المباحات كان بمثابة من ترك الفرائض وتقرب بالنوافل ، وإن كان صومه مجزئا عند الجمهور ، بحيث لا يؤمر بإعادته ، لأن العمل إنما يبطل بارتكاب مانهي عنه فيه، لخصوصه دون ارتكاب ما نهي عنه لغير معنى يختص به ، هـذا هـو أصـل جمهور العلماء ، وفي مسند الإمام أحمد ( أن امرأتين صامتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فكادتا أن تموتا من العطش ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأعرض ، ثم ذكرتا له ، فدعاهما أن يتقيئا ، فقاءتا ملىء قدحٍ ، قيحاً ودماً وصديداً ولحماً عبيطاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ماحرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى ، فجعلتا يأكلان لحوم الناس ) .
إن للصائم أخي المسلم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ،، أما فرحة الصائم عند فطره ، فاعلم بأن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مَطعَمٍ ومشربٍ ومنكحٍ ، فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ، ثم أبيح لها في وقت آخر ، فرحت بإباحة مامنعت منه ، خصوصا عند اشتداد الحاجة إليه ، فالنفوس تفرح بذلك طبعاً ، فإن كان ذلك محبوبا لله كان محبوبا شرعاً ، والصائم عند فطره كذلك ، فكما أن الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات ، فقد أذن له فيها في ليلة الصيام ، بل أحب منه المبادرة إلى تناولها في أول الليل وآخره ، فأحب عباده إليه أعجلهم فطراً ، والله وملائكته يصلون على المتسحرين ،، فالصائم ترك شهواته لله نهاراً ، تقربا إليه وطاعة له ، وبادرَ إليها في الليل ، تقرباً إلى الله وطاعةً له ، فلم يتركها إلا بأمر ربه ، و لم يَعُدْ إليها إلا بأمر خالقه ، فهو مطيع له في كلا الحالتين ،، ولهذا نهي عن الوصال في الصيام ، فإذا بادر الصائم للفطر ، تقرباً لمولاه ، وأكل وشرب وحمد الله ، فإنه يرجى له المغفرة ، أو بلوغ الرضوان بذلك بإذن الله ، وربما استجيب دعاؤه عند ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن للصائم عند فطره ، دعوة ما ترد ) ، فإن نوى بأكله وشربه تقوية لبدنه على القيام والصيام ، كـان مُثاباً
على ذلك ،  كما أنه إذا نوى بنومه في الليل والنهار التقوي على العمل ، كان نومه عبادة ، فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ، ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره ، فهو في نهاره صائمٌ صابرٌ ، وفي ليله طاعمٌ شاكرٌ ،، ومن فهم هذا الذي أشرنا إليه ، لم يتوقف في معنى فرح الصائم عند فطره ، فإن فطره على الوجه المشار إليه من فضل الله ورحمته ، وداخل في قوله تعالى ( قلْ بفضلِ اللهِ وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خـيـرٌ مما يجمعون ) " سورة يونس آية 58 " ، ولكن شرط ذلك أن يكون فطره على حال ، فإن كان فطره على حرام كان ممن صام عما أحل الله ، وأفطر على ما حرم الله  ، ولم يُستجب له دعاءٌ ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يطيل السفر( يمد يديه إلى السماء : يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك ) ،، وأما فرحة الصائم عند لقاء ربه : فتكون بما يجده الصائم عند الله من ثواب الصيام مـدخـراً ، فيجده أحوج ما كان إليه ، كما قال تعالى ( وآخرون يقاتون في سبيل الله فاقرؤوا ماتيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا اللهَ قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خيرٍ تجدوهُ عند الله هو خيراً وأعظمَ أجراً واستغفروا الله إن الله غفورٌ رحيمٌ ) " سورة المزمل آية 20 " ،، قال سفيان بن عيينة { إن ثواب الصائم لا يأخذه الغرماء في المظالم، بل يدخره الله عنده للصائم ، حتى يدخله به الجنة ، فالأيام خزائن للناس ، ممتلئةً بما خزنوه فيها من خير وشر ، وفي يوم القيامة تُفتح هذه الخزائن لأهلها ، فالمتقون يجدون في خزائنهم العزة والكرامة ، والمذنبون يجدون في خزائنهم الحسرة والندامة } .

طبقات الصائمين :
تنقسم طبقات الصائمين إلى قسمين : إحداهما : من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى ، يرجو عنده عوض ذلك في الجنة ، فهذا قد تاجر مع الله وعامله ، والله تعالى لايضيع أجر من أحسن عملا ، ولا يخيب معه من عامله ، بل يربح عليه أعظم الربح ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ( إنك لن تدع شيئا اتقاء الله إلا آتاك الله خيراً منه ) ، فهذا الصائم يعطي في الجنة ما شاء الله من طعامٍ وشرابٍ ونساءٍ ،، قال بعض السلف { بلغنا أنه يوضع للصوام مائدة يأكلون عليها ، والناس في الحساب يقولون : يا رب ! نحن نحاسب وهم يأكلون ؟ فيقال : إنهم طالما صاموا وأفطرتم وقاموا ونمتم } ،، أما الطبقة الأخرى من الصائمين : من يصوم في الدنيا عما سوى الله ، فيحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وما وعى ، ويذكر الموت والبلى، ويريد الآخره ، ويترك زينة الحياة الدنيا ، فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه ،
وفرحة برؤيته ،، فمن صام عن شهواته في الدنيا ، أدركها غدا في الجنة ، ومن صام عما سوى الله ، فعيده يوم لقائه بربه .
يا حبيب القلوب من لي سِـواكـا                      ارحـمِ اليومَ مذنباً قـد أتـاكـا
ليس لي في الجنان مولاي رأسٌ                      غـيـر أني أريـدهـا لأراكـا

طيبُ رائحة الصائم عند صومه :
خلوف فم الصائم : هو رائحة ما يتصاعد منه من الأبخرة ، لخلو المعدة من الطعام بالصيام ، وهي رائحة مستكرهة في مشام الناس في الدنيا ، ولكنها طيبة عند الله ، حيث كانت ناشئة عن طاعته وابتغاء مرضاته ، كما أن دم الشهيد يجيء يوم القيامة بريحٍ كريح المسك ،، وفي طيب رائحة خلوف فم الصائم عند الله عز وجل معنيان : أحدهما : أن الصيام لما كان سراً بين العبد وربه في الدنيا ، أظهره الله في الآخرة علانية للخلق ، ليشتهر بذلك أهل الصيام ، ويعرفون بصيامهم بين الناس ، جزاءً لإخفاء صيامهم في الدنيا ،، والمعنى الثاني : أن من عَبَدَ اللهَ وأطاعه وطلب رضاه في الدنيا بعمل ، فظهر من عمله هذا آثاراً مكروهة للنفوس في الدنيا ، فإن تلك الآثار غير مكروهةٍ عند الله ، بل هي محبوبة له وطيبة عنده ، لكونها نشأت عن طاعته واتباع مرضاته ، فإخبار للعاملين بذلك في الدنيا فيه تطييب لقلوبهم ، لئلا يكره منهم ما وجد في الدنيا ،، وخلوف أفواه الصائمين له أطيب من ريح المسك ، وجوع الصائمين لأجله هو الشبع ، وعطشهم في طلب مرضاته هو الري ، ونصيب المجتهدين في خدمته هو الراحة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق