الخميس، 27 يناير 2011

كن مصلياً

كن مصلياً خاشعاً مستمتعاً ، فالصلاة راحة للمؤمن ، يناجي بها ربه وخالقه ،، ففي الحديث الذي رواه النسائي ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، وكان يدعو بلالاً لإقامة الصلاة كلما حزبـه أمر ، فقد روى أبو داود عنْ حْذَيْفَةَ بن اليمان رضي الله عنه قـالَ ( كَانَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلّى ) ،، وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ( يابلال ، أرحنا بالصلاة ) ،، ويشير فارس علوان ، على ماتضفيه الصلاة على المسلم ، من أمـنٍ ، واستقرارٍ
نفسيٍ ، وتوازنٍ عصبيٍ ، وانسجامٍ عقليٍ ، كلها ممزوجة براحة الضمير ، وشعورٍ بالسعادة ، وإشباعٍ في العاطفة ، ولذةٍ في الروح ، لا تعادلها لذة ،، هذه المعاني السامية ، يحسبها غير المصلي هُرَاءٌ ، ويعدها معانٍ جوفاء ، فيبقى محروماً منها ، مهما أوتيَ من مـالٍ ، أو علمٍ ، أو تَرَفٍ .
إن الطمأنينة النفسية ، والسكينة الروحية ، والشعور بالأمن والاستقرار ، التي تضفيها الصلاة في قلوب التُّقاة ، وألباب الخاشعين ، تجعل الأمراض النفسية ، والشعور بالخوف والقلق ، والغضب والحزن ، والوحدة القاتلة ، والأمراض العقلية ، كالخرف وغيره ، نادرة الحدوث في مجتمع المصلين ،، وقد ذكر عبد الرؤف المناوي في فيض القدير حين شرحه لحديث { قمْ فَصَلِّ ، فَإِنَّ فِي الصلاةِ شِفَاءً } ، والذي رواه أحمد وابن مـاجـة ما نصه { فإن في الصلاة شفاء من الأمراض القلبية والبدنية ، والهموم والغموم } ، قـال تـعـالـى ( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ) " سورة البقرة آية 45 " ، ولهذا كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة ،، لأن الصلاة مجلبةٌ للرزق ، وحافظةٌ للصحة ، ودافعةٌ للأذى ، وطاردةٌ للداء ، ومقويةٌ للقلب ، ومفرحةٌ للنفس ، ومذهبةٌ للكسل ، ومنشطةٌ للجوارح ، وممدةٌ للقوة ، وشارحةً للصدر ، ومغذيةٌ للروح ، ومنورةٌ للقلب ، ومُبَيضةٌ للوجه ، وحافظةٌ للنعمة ، ودافعةٌ للنقمة ، وجالبةٌ للبركة ، ومبعدةٌ عن الشيطان ، ومقربةٌ من الرحمن ،،، وبالجملة ، فالصلاة لها تأثيرٌ عجيبٌ ، في حفظ صحة القلب والبدن وقواهما ، ودفع المواد الرديئة عنهما ، لاسيما إذا وفيت حقها من التكميل ، فما استدفعت أذى الدارين ، واستجلبت مصالحهما بمثلها ،، وسرها : أنها صلةٌ بين العبد وربه ، وبقدر الصلة يفتح الخير ، وتفاض النعم ، وتدفع النقم ،،، فلا غرو ، كما يقرر فارس علوان في كتابه { وفي الصلاة وقايةٌ } : " أن تكون في الصلاة لذة لا يشعر بها إلا من أخلص وجه لله ، ومتعة لا يتذوقها إلا من استقرت حلاوة الإيمان في قلبه ، وراحة نفسية ، لاتوجد إلا عند من خضعت جبهته ذليلة ساجدة لله " ،، ويشير محمد نجاتي ، في كتابه الحديث وعلم النفس ، إلى أثر الصلاة في جانبها النفسي فيقول " للصلاة تأثير فـعـَّال في عــلاج الإنسان من الهم والقلق ، فوقوف الإنسان في الصلاة أمام ربه ، في خشوع واستسلام ، وفي تجرد كامل عن مشاغل الحياة ومشكلاتها ، إنما يبعث في نفس الإنسان الهدوء والسكينة والاطمئنان ، ويقضي على القلق وتوتـر الأعصاب ، الذي أحدثته ضغوط الحياة ومشكلاتها ، وتؤثر الطاقة الروحية التي تطلقها الصلاة .. فتبعث في النفس الأمل ، وتقوي فيها العزم ، وتُعلي فيها الهمة ، وتطلق فيها قدرات هائلة ، تجعلها اكثر استعدادا لقبول العلم والمعرفة والحكمة ،، وللـصـلاة
تأثيرٌ هامٌ في علاج الشعور بالذنب الذي يسبب القلق ، والذي يعتبر الأصل الذي ينشأ عنه المرض النفسي ، وبالجملة ، فإن للصلاة فوائد كثيرةٌ وعظيمةٌ ، منها على سبيل المثال لاالحصر : أنها تبعث في النفس الهدوء والطمأنينة ، وتخلص الإنسان من الشعور بالذنب ، وتقضي على الخوف والقلق ، وتمد الإنسان بطاقةٍ روحيةٍ هائلةٍ ، تساعد على شفائه من أمراضه البدنية ، والنفسية ، وتزوده بالحيوية والنشاط ، وبقدرةٍ كبيرةٍ تمكنه من القيام بجليل الأعمال ، وتنور له القلب ، وتهيؤه لتلقي النفحات الإلهية ،، ويؤكد ذلك فارس علوان بقوله : " إنها في الحقيقة معانٍ وأحاسيس ، وقفها الله عز وجل ، على من أراد له الخير ، وخصه بالفضل " ،، وهذه النفحات الطيبة ، تقي المسلم بإذن الله ، من معظم الأمراض النفسية ، والعلل العصبية ، والآفات العقلية ، كالقلق النفسي ، والهمود الاكتئابي ، والخوف المرضي ، والهرع ( الهستيريا ) ، والزور ( البارانويا ) ، والفصام ، وغيرها .
إن الطمأنينة النفسية والسكينة الروحية ، وشعور الأمن والاستقرار التي تضفيها الصلاة في قلوب التُّقاة وألـبـاب الخاشعين ، تجعل الأمــراض النفسية ، والشعور بالخوف والقلق ، والغضب والحزن والوحدة القاتلة ، والأمراض العقلية ، كالخرف وغيره ، نادرة الحدوث في مجتمع المصلين ، قال تعالى ( من عمل صالحاً من ذَكَرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسنِ ماكانوا يعملون ) " سورة النحل آية 97 " .
إن الصلاة وما فيها من سكينة وخشوع ، وتعلق بالخالق جل وعلا ، ورجاء برحمته، وطمع في مغفرته ، وأمل بلقائه في الجنة ، ولا سيما وأنها تبدأ بكلمة " الله أكبر" التي يرددها المصلي مع كل حركة ميمونة من حركاته ،، وهذا الشعور كفيلٌ بأن يباعد المتاعب الشخصية ، والمشاكل الدنيوية ، والأفكار المادية ، ويحولها ولو لفترة من الزمن إلى حيث الشفافية والروحانية .
إن العالم اليوم ، يفتقر لهذا الهدوء النفسي ، والتوازن الوجداني ، والسكينة الروحية ، لأن أكثر الناس شذُّوا عن طريق الفطرة ، وتاهوا في سراديب المادة ، وخاضوا حتى آذانهم في خضم الحياة الفانية ، تأخذهم أمواجها تارة ذات اليمين ، وتارة ذات الشمال ، قال تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً ونحشرهُ يوم القيامة أعمى ) " سورة طه آية 124 " ،، أما المؤمنون الذين أخبتوا وجوههم لله تبارك وتعالى ، وآمنوا بما جـاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، ولم يضنوا عن عمل الصالحات فيقول الله تعالى فيهم ( الَّذِيـنَ ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمـن وهم مهتدون ) " سورة الأنعام آية 82 " ،،، هذه بعض الآثـار لهذه العبادة العظيمة ، ولحكمة يعلمها الحق عز وجل جعلها تتكرر في اليوم
والليلة خمس مرات ، وقد يتبين لنا بعضاً من هذه الحكم مما سبق الإشارة لبعضه في مقالٍ سابقٍ عن الصلاة ، وأثرها على الصحة ، فيالله ما أعظم شعائر ديننا .. ولله ماأعظم تفريط كثير من المسلمين بها أو ببعضها ، مما يفقدهم الإحساس بالثقة بالنفس والطمأنينة ، والأمن والرضا ، والسعادة دنيا وأخرى ، مما يؤدي إلى عدم تحقيق الذات فعلاً ووفق ما شرع الخالق عز وجل ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق