الخميس، 27 يناير 2011

كن مؤقتاً

إن من أجل النعم وأعظمها على الإنسان نعمة الوقت الذي هو حياته وميدان وجوده وساحة ظله وبقائه ونفعه وانتفاعة ، ونجاحه في الدنيا وسعادته في الآخرة ، بل هو أنفس وأثمن ما يملكه ،، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى ( وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة ، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم ، ومـادة معيشته في العذاب الأليم ) ،، ويقول حكيمٌ عربيٌ { من أمضى يوماً من عمره في غير حقٍ قضاه ، أو فرضٍ أداه ، أو خيرٍ أسسه ، أو علمٍ اقتبسه ، فقد عق يومه وظلم نفسه } ،، وقيل { من علامات المقت : إضاعة الوقت ، ودقائق عمرك غالية ، فلا ترخصها بالغفلة } ،، فالوقت محدود وليس في اليد حيلة لإطالته ، وإنما بالإمكان التخفيف من إهداره ، واستخدامه على نحو مثمر مفيد . وفي المثل الإنجليزي " أي جريمة أكبر من إضاعة الوقت " ،، ويشترك جميع الناس الأغنياء منهم والفقراء ،، والأقوياء منهم والضعفاء ، والناجحون منهم والفاشلون ، المشهورون والمغمورون في أنهم يملكون أياماً تتكون من "24 ساعة " ، ولكن الفارق بينهم هو كيفية استغلال وإدارة  هذه الساعات ،، لذا تعتمد إدارة الوقت في قدرة الفرد على إدارة نفسه وتوجيه مشاعره وأفكاره وإمكاناته ، والظروف المحيطة به ، وإنجازاته نحو الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها .
وتتعدد الاستراتيجيات التي يمكن من خلالها تحقيق إدارةٍ فاعلةٍ للوقت ، تصل بالإنسان إلى مستوياتٍ عاليةٍ مـن النجاح ، ومـن تلك الاستراتيجيات الـعـامـة والفاعلة :
استراتيجية " كن " التي توجه الفرد إلى بعض السلوكيات الإيجابية التي تساعده على استغلال وقته واستثماره فيما يحقق أهدافه ، ومن تلك السلوكيات مثالاً لاحصراً ما يلي :
1-    كُنْ  مُبَادِراً : التسويف هو التأجيل المركب للمهام ، وهو من أكبر مضيعات الأوقات ، يؤدي إلى فشل الإنسان ، ويحول دون تحقيقه لأهدافه ، والخطوة الأولى للتخلص من هذا الداء هو المبادرة ،، ولكي تتحقق هذه المبادرة باقتراح مايلي :
·         تجنب استخدام عبارات الكسولين " الوقت متأخر ، لم يحن وقته ... الخ " .
·         اتخذ لنفسك شعاراً " الآن الآن وليس غداً " .
·         التزم بتنفيذ خطتك المحددة لتحقيق أهدافك .
·         ضع وقتاً محدداً للانتهاء من كل مهمةٍ .
·         اجعل لنفسك حافزاً على المبادرة .


2-    كُنْ مُخَطِطاً : التخطيط هو رسم صورة واضحة للمستقبل ، وتحديد الخطوات الفاعلة والفعلية للوصول للأهداف المحددة في ضوء الفرص والإمكانات المتاحة ،، ومما يعيع على النجاح في التخطيط مايلي :
·         أن تكون الخطة طموحة ، ونتطلع فيها للأفضل ، وعدم القناعة بالدون .
·         عدم الاستسلام للأمور العاجلة والحرص على ترتيب الأولويات.
·         عند بناء الخطة يجب مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة .
·         التعرف على كيفية التخطيط الناجح وكيفية وضع الخطط .
·         كتابة الخطة ووضعها في مكان بارز أمامك.

3-    كن مُفَوَضاً : بمعنى أن تمنح آخرين بعض سلطتك للقيام ببعض المهام المحددة تحت إشرافك، ومن أهم فوائد التفويض : زيادة مقدار الوقت لديك ، وجعلك قادراً على القيام بأكثر من عمل في وقت واحدٍ ، كما يجبرك التفويض على تنظيم وقتك ، ولكي يحقق التفويض فاعليته في إدارة الوقت لابد من اتباع أهم القواعد الأساسية التي هي على النحو التالي :
·   تفويض المهمة إنْ أمكن كاملة ، ومنح المفوض الشعور بالإنجاز .
·   اختيار الشخص المناسب والقادر على تحمل المسئولية .
·   توفير التدريب الضروري والمناسب للشخص المفوض ، حتى يحقق الهدف المطلوب .
·   توفير البيئة المناسبة لعمل المفوض .

4-    كن خلاقياً :  فالإنسان الخلافي هو الشخص الذي لا يزاحم الآخرين في المكان والزمان ، فيشتري حينما يبيع الناس ، ويبيع حينما يشتري معظم الناس ، وحينما يكون الناس في أوقات الزحام يكون هو في أماكن السعة ،، فهو يطبق قاعدة " عش قريباً من القمة وليس عليها ، حتى تتجنب الزحام " ،، إن تطبيق " كن خلافياً " في إدارة الوقت ، تساعدك على القيام بالعديد من الأعمال في الوقت الذي لا أحد غيرك يفعلها ،، ومثال ذلك : لا يفكر الخلافيون بشراء الهدايا في مواسم الأعياد والمناسبات ، وهم يحاولون أن يقودوا سياراتهم في غير ساعات الذروة .

5-    كن قادراً على قول : " لا " : يجد كثير من الناس صعوبة في قول " لا " للآخرين ، لأنها قد تبدو تحدياً للآخر ، ولرغبة الكثير في صحبة الآخرين والخشية من كراهيتهم ، ولكي تقول " لا " دون أن تخسر الآخرين يمكن اتباع الآتي :
·   قل " لا " بتأدب وبصوت غير مرتفع ولا منفر، بل بأسلوبٍ أخويٍ ومؤدبٍ .
·   قل " لا " المشروطة ، " لا " ولكن إذا فعلت كـذا وكذا سأقول " نعم " .
·   قبل قول " لا " اشرح للآخـر الأسباب التي بنيت عليها قرارك " لا " .
·   اترك الباب مفتوحاً لتقول " نعم " فيما بعد ، إذا استوجب الأمر ذلك .
·   قل " لا " مع ذكر البدائل .

6-    كن جازماً : لابد أن تكون حازماً في تنفيذ هذه السلوكيات لتحقيق إدارة وقتك بنجاح ، لأن التردد من أهم العوامل التي تؤدي إلى ضياع أوقاتنا ، والحزم هو الاستراتيجية الفاعلة لاستثمار الوقت خير استثمار ، وصدق الشاعر إذ يقول :
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة       فـإن فساد الـرأي أن تترددا

وأخيراً ،،، إن أعز شيءٍ نملكه القلب والوقت ، فإذا أهملنا القلب وأضعنا الوقت ، فلا طعم للحياة ، وهذا يؤكد ضرورة توعية أفراد المجتمع بواجبهم نحو الوقت ، وأنهم مسؤولون عنه يوم القيامة ، وذلك عن طريق الدورات والندوات ووسائل الإعلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق