الخميس، 27 يناير 2011

كن مسلماً

·  قرأت أن هناك من حذروا " جولدا مائير " ، بأن عقيدة المسلمين تنص على حربٍ قادمةٍ بين المسلمين واليهود ، سينتصر فيها المسلمون عند اقتراب الساعة ، ولكن هؤلاء المسلمون ليسوا من نراهم الأن ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا رأينا المصلين في صلاة الفجر ، مثلما يكونون في صلاة الجمعة ، لذا … كن مسلما حقا .
يحكي أن ملكا من الملوك أمر ذات يوم أن يأتي كل بائعي اللبن إلى قصره ليلا ليفرغ كل منهم وعاء من اللبن في حمام سباحته ، ففكر أحدهم و أفرغ ماء بدلا من اللبن علي أنه لن يلاحظ ذلك القدر وسط هذه الكمية الكبيرة من اللبن ، و عندما استيقظ الملك وجد حمام السباحة مملوءا بالماء ! فالكل عمل نفس الشيء و بالتالي لو كل واحد منا ظن أنه لن يفرق معنا اذا لم ينزل لصلاة الفجر سنجد حينئذ المساجد كلها خاوية مثلما امتلأ حمام السباحة بالماء. لذاابدأ بنفسك .
·  سمعت في الحديث القدسي ، بأن الله تعالي أرسل ملكا ليدمر قريةً ، فعاد دون أن يدمرها ، وقال : إن فيها عبدك فلانٌ الصالح التقي ، فقال الله تعالي : ابدأ به ، فإنه لم ينه الأخريين عن المنكر . لذا انصح إخوانك .

اللهم ارزقنا صلاة الفجر ،،، اللهم اهدنا لما تحبه وترضاه ،،، اللهم ارزقنا صلاةً في المسجد الأقصي قبل الممات ، اللهم ارحم موتانا ، وشهداء المسلمين ،،، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ،،، اللهم اهزم أعداء الدين ،،، اللهم اخسف بهم الأرض ، يارب العالمين .

اعلموا أن صلاة الفجر هي غذاء الروح , واعلموا بان المكان الصحيح للصلاة بالنسبة للرجال هو المسجد وليس المنزل ، فالمنزل هو مكان صلاة النساء وليس الرجال ،، فعجباً لمن يسمع الأذان وكأن شيئاً لم يكن ، ويتحجج بكثرة العمل والانشغال ، ألم نفكر أننا هنا في هذه الدنيا ، نرزق بفضل الله العزيز الحكيم ؟ فلماذا نتكاسل في إعطاء المعطي الرزاق حقه ؟ ولنعلم بأن الله غنيٌ عن صلاتنا وأعمالنا ،، قال تعالى ( يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد * إن يشأ يذهبكم ويأتِ بخلقٍ جديدٍ * وما ذلك على الله بعزيزٍ )  " سورة فاطر الآيات 15 ـ 16 ـ 17 "  ،، رويَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال { بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة } .



كن مسالماً

كن مُسَالِماً ، لا مُسْتَسْلِماً : لا شك أنه مامن معارض الأن ، بخطورة الأمراض النفسية ، التي انتشرت حديثا بين البشر ، حتى أطلق على عصرنا الحالي " عصر القلق " ، وما من مشككٍ في أهمية علم النفس ، الذي يعالج هذه الزاوية من حياة البشر

سأتحدث اليوم بإيجازٍ عن مرضٍ شائعٍ بين البشر ، هو ليس مرضٌ بالمعني الحقيقي للكلمة ، بل ربما من يجعله مرضاً ، هو عقلك ، لأنك تتأخر في التخلص منه ، وكلما كبرت يكبر معك ، وتتعقد الأمور ،، هذا المرض هو " ضعف الشخصية " والانقياد الأعمي ، فكلنا نحب أن نكون أقوياء الشخصية ، لنا شخصياتنا المستقلة عن أي إنسانٍ اخر ، ولكن الأمور لا تأتي  بهذه السهولة ، ولقوة أو ضعف الشخصية عاملين رئيسيين ، يتحكمان بها ،  وهما : الوراثة والبيئة ، مع ترجيح كفة العامل الثاني بكثير ،، حيث أن البيئة بنظري ، والأسرة بالتحديد هي التي تكون لنا شخصياتنا في الطفولة منذ الولادة وحتي سن السابعة ، وبعد ذلك يصبح من الصعب تغيير شخصية الإنسان ، ولكنه وليس من المستحيل ، وينشئ ضعف الشخصية عن أسباب عدةٍ ، أهمها : الخوف من الرفض ، والخوف من انتقاد الآخرين لنا ،، فالإنسان بطبعه يخشى الفشل والنقد والإزدراء ، والإهمال العاطفي ، وهذه كلها تنجم عما يسمي بالأفكار السلبية لدى هذا الشخص ، والفكر السلبي من أشد الآفات خطورة على صحة الإنسان النفسية ، وهو أن تفسر كل موقف أو مشكلة على أنها نقصٌ فيك وليس عيبٌ في الآخر ،، ومن الأمثلة على ذلك : ( إنني أعرف أنني سأفشل في ذلك الإمتحان ـ  يبدو منظري مخيفاً ـ  كل شخصٍ في هذه الدورة سيتعلم أكثر مني ) وغير ذلك

وفي الحقيقة ، فالتفكير السلبي هو بمثابة تفكير وقائي ، يطوره الشخص حتى يتجنب التوبيخ والانتقاد ،، فالطالب الذي يخشى الفشل في الامتحان سيفكر في طرق وقائية حول الإمتحان ، لأنه يمثل تهديداً ضخماً لتقديره لذاته ، والفشل يمكن أن يعني له الرفض من الذات والوالدين ، وبتوقعه للفشل فإن الطالب يحاول أن يخفف توقعات القريبين بشأن ذلك الإمتحان ، وأن يستعد هو للنتيجة النهائية للفشل ، وعندما يُظهِرُ الطالب ذلك التفكير الوقائي ، فإنه سيحاول تعديل توقعات أولئك الذين يمارسون الضغط عليه من أجل أداء عالٍ، إذا ماالحل ؟ الحل يكمن من وجهة نظري ، في عقلك ، وطريقة تفكيرك ، ونظرتك للأمور ،، انظر للأمـور
من ناحيةٍ إيجابيةٍ ، وستسير الأمور بهذا الاتجاه ، ثم إن كل البشر معرضين للخطأ والصواب ، أم انني انا الذي أخطىءُ فقط ؟؟ أنت عندما تفكر بمثل هذا التفكير الإيجابي فلن تخشي شيئاً ، وستصبح أفكارك بهذه الإيجابية التالية ( إنني أعرف أنني سأفشل في ذلك الامتحان إذا لم أدرس وأجتهد جيداً ـ كل شخص في هذه الدورة سيتعلم أكثر مني إن أهملت دروسي ) ، بهذه النظرة الإيجابية فقط يمكن أن تنجح ، لا تخشي من انتقاد الأخرين ،، هؤلاء اللذين ينتقدونك ربما يخطئون أكثر ، أليس كذلك ؟ أم أنهم معصومون من الخطأ والزلل ؟ كلنا نتعرض للنقد ، ونتعرض للتجريح ، بل اعلم بأنه كلما تعرضتَ للنقد بشكل أكبر ، كلما كنتَ مؤثراً بمن حولك أكثر ،، توجد عبارة جميلة قرأتها في أحد الكتب وهي  " الناس لا ترفس كلباً ميتاً " ، أي أنك كلما تعرضتَ للانتقاد ، وتعرضتَ للهجوم أكثر ، فأنتَ إنسان ايجابي ، وتؤثر بمن حولك ، ولست سلبياً ،، إذا أردتَ التغيير ، وعزمتَ عليه ، فاعلم بأن طريقك ليس مفروشاً بالورود ، بل بعكس ماتتصور ،، فالبشر بفطرتهم يميلون لمقاومة أي تغيير مع أول كلمة " لا " تنطقها ، سينتقدك الآخرين ، ويتهمونك بكل اتهامٍ .. سيحاولون إبعادك عما عزمت عليه ، هذا هو الامتحان ،، فإذا كنتَ صاحبَ إرادةٍ قويةٍ فلن تتراجع ،، فأول الأمر سيكون صعباً عليك ، فلينتقدني الآخرون ، هذه حياتي ، وليست حياتهم ،،، وسأفعل ما أراه الصواب ، فكل إنسان بداخله قوة خفية تجعله صاحب إرادة وقادر على تحقيق المعجزات ،، والأمثلة في التاريخ كثيرة ،،، كثيراً ما قرأت أنه لاحدود لطاقة الإنسان ، ولكني أخيـراً آمنتُ بهذه العبارة " بالفعل لا يوجد حدود لطاقة البشر "  بالإرادة الصادقة يمكن أن تنفذ ما تريد ، وأن تفعل مايمكن أن تتخيله ، ولكني آمنت أيضاً أنه لا نجاح بدون عمل ولا إنجازٍ بدون جُهْدٍ ، وعلى قدر جهدك يأتي النجاح ،، فلا ترضى لنفسك أن تكون ذيل الركب ، وكن من الأوائل .

كن مصلياً

كن مصلياً خاشعاً مستمتعاً ، فالصلاة راحة للمؤمن ، يناجي بها ربه وخالقه ،، ففي الحديث الذي رواه النسائي ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) ، وكان يدعو بلالاً لإقامة الصلاة كلما حزبـه أمر ، فقد روى أبو داود عنْ حْذَيْفَةَ بن اليمان رضي الله عنه قـالَ ( كَانَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلّى ) ،، وروى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ( يابلال ، أرحنا بالصلاة ) ،، ويشير فارس علوان ، على ماتضفيه الصلاة على المسلم ، من أمـنٍ ، واستقرارٍ
نفسيٍ ، وتوازنٍ عصبيٍ ، وانسجامٍ عقليٍ ، كلها ممزوجة براحة الضمير ، وشعورٍ بالسعادة ، وإشباعٍ في العاطفة ، ولذةٍ في الروح ، لا تعادلها لذة ،، هذه المعاني السامية ، يحسبها غير المصلي هُرَاءٌ ، ويعدها معانٍ جوفاء ، فيبقى محروماً منها ، مهما أوتيَ من مـالٍ ، أو علمٍ ، أو تَرَفٍ .
إن الطمأنينة النفسية ، والسكينة الروحية ، والشعور بالأمن والاستقرار ، التي تضفيها الصلاة في قلوب التُّقاة ، وألباب الخاشعين ، تجعل الأمراض النفسية ، والشعور بالخوف والقلق ، والغضب والحزن ، والوحدة القاتلة ، والأمراض العقلية ، كالخرف وغيره ، نادرة الحدوث في مجتمع المصلين ،، وقد ذكر عبد الرؤف المناوي في فيض القدير حين شرحه لحديث { قمْ فَصَلِّ ، فَإِنَّ فِي الصلاةِ شِفَاءً } ، والذي رواه أحمد وابن مـاجـة ما نصه { فإن في الصلاة شفاء من الأمراض القلبية والبدنية ، والهموم والغموم } ، قـال تـعـالـى ( وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ) " سورة البقرة آية 45 " ، ولهذا كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة ،، لأن الصلاة مجلبةٌ للرزق ، وحافظةٌ للصحة ، ودافعةٌ للأذى ، وطاردةٌ للداء ، ومقويةٌ للقلب ، ومفرحةٌ للنفس ، ومذهبةٌ للكسل ، ومنشطةٌ للجوارح ، وممدةٌ للقوة ، وشارحةً للصدر ، ومغذيةٌ للروح ، ومنورةٌ للقلب ، ومُبَيضةٌ للوجه ، وحافظةٌ للنعمة ، ودافعةٌ للنقمة ، وجالبةٌ للبركة ، ومبعدةٌ عن الشيطان ، ومقربةٌ من الرحمن ،،، وبالجملة ، فالصلاة لها تأثيرٌ عجيبٌ ، في حفظ صحة القلب والبدن وقواهما ، ودفع المواد الرديئة عنهما ، لاسيما إذا وفيت حقها من التكميل ، فما استدفعت أذى الدارين ، واستجلبت مصالحهما بمثلها ،، وسرها : أنها صلةٌ بين العبد وربه ، وبقدر الصلة يفتح الخير ، وتفاض النعم ، وتدفع النقم ،،، فلا غرو ، كما يقرر فارس علوان في كتابه { وفي الصلاة وقايةٌ } : " أن تكون في الصلاة لذة لا يشعر بها إلا من أخلص وجه لله ، ومتعة لا يتذوقها إلا من استقرت حلاوة الإيمان في قلبه ، وراحة نفسية ، لاتوجد إلا عند من خضعت جبهته ذليلة ساجدة لله " ،، ويشير محمد نجاتي ، في كتابه الحديث وعلم النفس ، إلى أثر الصلاة في جانبها النفسي فيقول " للصلاة تأثير فـعـَّال في عــلاج الإنسان من الهم والقلق ، فوقوف الإنسان في الصلاة أمام ربه ، في خشوع واستسلام ، وفي تجرد كامل عن مشاغل الحياة ومشكلاتها ، إنما يبعث في نفس الإنسان الهدوء والسكينة والاطمئنان ، ويقضي على القلق وتوتـر الأعصاب ، الذي أحدثته ضغوط الحياة ومشكلاتها ، وتؤثر الطاقة الروحية التي تطلقها الصلاة .. فتبعث في النفس الأمل ، وتقوي فيها العزم ، وتُعلي فيها الهمة ، وتطلق فيها قدرات هائلة ، تجعلها اكثر استعدادا لقبول العلم والمعرفة والحكمة ،، وللـصـلاة
تأثيرٌ هامٌ في علاج الشعور بالذنب الذي يسبب القلق ، والذي يعتبر الأصل الذي ينشأ عنه المرض النفسي ، وبالجملة ، فإن للصلاة فوائد كثيرةٌ وعظيمةٌ ، منها على سبيل المثال لاالحصر : أنها تبعث في النفس الهدوء والطمأنينة ، وتخلص الإنسان من الشعور بالذنب ، وتقضي على الخوف والقلق ، وتمد الإنسان بطاقةٍ روحيةٍ هائلةٍ ، تساعد على شفائه من أمراضه البدنية ، والنفسية ، وتزوده بالحيوية والنشاط ، وبقدرةٍ كبيرةٍ تمكنه من القيام بجليل الأعمال ، وتنور له القلب ، وتهيؤه لتلقي النفحات الإلهية ،، ويؤكد ذلك فارس علوان بقوله : " إنها في الحقيقة معانٍ وأحاسيس ، وقفها الله عز وجل ، على من أراد له الخير ، وخصه بالفضل " ،، وهذه النفحات الطيبة ، تقي المسلم بإذن الله ، من معظم الأمراض النفسية ، والعلل العصبية ، والآفات العقلية ، كالقلق النفسي ، والهمود الاكتئابي ، والخوف المرضي ، والهرع ( الهستيريا ) ، والزور ( البارانويا ) ، والفصام ، وغيرها .
إن الطمأنينة النفسية والسكينة الروحية ، وشعور الأمن والاستقرار التي تضفيها الصلاة في قلوب التُّقاة وألـبـاب الخاشعين ، تجعل الأمــراض النفسية ، والشعور بالخوف والقلق ، والغضب والحزن والوحدة القاتلة ، والأمراض العقلية ، كالخرف وغيره ، نادرة الحدوث في مجتمع المصلين ، قال تعالى ( من عمل صالحاً من ذَكَرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينه حياةً طيبةً ولنجزينهم أجرهم بأحسنِ ماكانوا يعملون ) " سورة النحل آية 97 " .
إن الصلاة وما فيها من سكينة وخشوع ، وتعلق بالخالق جل وعلا ، ورجاء برحمته، وطمع في مغفرته ، وأمل بلقائه في الجنة ، ولا سيما وأنها تبدأ بكلمة " الله أكبر" التي يرددها المصلي مع كل حركة ميمونة من حركاته ،، وهذا الشعور كفيلٌ بأن يباعد المتاعب الشخصية ، والمشاكل الدنيوية ، والأفكار المادية ، ويحولها ولو لفترة من الزمن إلى حيث الشفافية والروحانية .
إن العالم اليوم ، يفتقر لهذا الهدوء النفسي ، والتوازن الوجداني ، والسكينة الروحية ، لأن أكثر الناس شذُّوا عن طريق الفطرة ، وتاهوا في سراديب المادة ، وخاضوا حتى آذانهم في خضم الحياة الفانية ، تأخذهم أمواجها تارة ذات اليمين ، وتارة ذات الشمال ، قال تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً ونحشرهُ يوم القيامة أعمى ) " سورة طه آية 124 " ،، أما المؤمنون الذين أخبتوا وجوههم لله تبارك وتعالى ، وآمنوا بما جـاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم ، ولم يضنوا عن عمل الصالحات فيقول الله تعالى فيهم ( الَّذِيـنَ ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمـن وهم مهتدون ) " سورة الأنعام آية 82 " ،،، هذه بعض الآثـار لهذه العبادة العظيمة ، ولحكمة يعلمها الحق عز وجل جعلها تتكرر في اليوم
والليلة خمس مرات ، وقد يتبين لنا بعضاً من هذه الحكم مما سبق الإشارة لبعضه في مقالٍ سابقٍ عن الصلاة ، وأثرها على الصحة ، فيالله ما أعظم شعائر ديننا .. ولله ماأعظم تفريط كثير من المسلمين بها أو ببعضها ، مما يفقدهم الإحساس بالثقة بالنفس والطمأنينة ، والأمن والرضا ، والسعادة دنيا وأخرى ، مما يؤدي إلى عدم تحقيق الذات فعلاً ووفق ما شرع الخالق عز وجل ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

كن قارئاً

قال الله تعالى ( إن الذين يتلون كتابَ الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيةً يـرجـونَ تجارةً لـن تبور * ليوفيهمْ أجورهم ويزيدهم من فضلهِ إنه غفورٌ شكورٌ ) " سورة فاطر آية 29 ـ 30 " ،، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يُقال لصاحب القُرآن : اقرأ ، وارتق ، ورتل كما كنتَ تُرتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ) " رواه ابو داود " ،،، إن علو المنازل وارتفاع الدرجات في الآخرة تكون لحملة القرآن ، قال الله تبارك وتعالى ( يرفعِ اللهُ الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبيرٌ ) " سورة المجادلة آية رقم 11 " .

شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة :
عن أبي أمامـة رضي الله عنه قال : سمعت رسـول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( اقْرَؤوا الْقُرآنَ ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ ) " رواه مسلم " ،، وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ قَرَأَ حَرْفَاً مِنْ كِتَابِ الله فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لاَ أَقُـولُ آلـم حَـرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَـرْف ، ولامٌ حَـرْفٌ ، وَميمٌ حَـرْفٌ ) " رواه الترمذى وهو حديث صحيح " ،، فإذا كـان عـدد أحرف القرآن الكريم  "  740 340 حرفا تقريبا " فسوف تحصل على أجرٍ عظيمٍ ، إذا أنت ختمت القرآن لمرة واحـدةٍ ، فكل حرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، وهـذا يعنى أنـك ستحصل على أجـر " 740 340 × 10 = 400 407 3 حسنة " ، ثلاثة ملايين وأربعمائة وسبعة آلافٍ وأربعمائة حسنةٍ ،،  وهذه الحسنات بهذا الكم الهائل لختمةٍ واحـدةٍ فقط ، فكيف بك إذا ختمته في كل شهرٍ مرةً واحدةً ، أي أنك ستختم القرآن اثنتى عشرة مـرةً في العام الواحد ، وستنال
من الأجر بإذن الله تعالى " 400 407 3 × 12 = 800 888 40 حسنةً " أربعون مليوناً وثمانمائة وثمانية وثمانون ألفاً وثمانمائة حسنةً .

شهود الملائكة لصلاة الفجر واستماعها للقرآن :
قال الله جـل شأنه ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً ) " سورة الإسراء آية 78 " ،، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ( أن أسيد بن حضير، بينما هو في ليلة يقرأ في مربده إذ جالت فرسه فقرأ , ثم جالت أخرى , فقرأ , ثم جالت أيضًا , قال أسيد : فخشيت أن تطأ يحيى , فقمت إليها , فإذا مثل الظُّلة فوق رأسي . فيها أمثال السُّرج عرجت في الجوَّ حتى ما أراها . قال فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اقرأ . ابن حضير! ، قال : فقرأت , ثم جالت أيضًا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ . ابن حضير ، قال : فقرأت , ثم جالت أيضًا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ . ابن حضير ، قال فانصرفت , وكان يحيى قريبًا منها , خشيت أن تطأه , فرأيت مثل الظُّلة فيها أمثال السُّرج . عرجت في الجوَّ حتى ما أراها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك الملائكة كانت تستمع لك ، ولو قرأت لأصبحتَ يراها الناس , ماتستتر منهم ) " صحيح رواه مسلم " ،،، وبعد أن علمت الأجر العظيم ، فيا ترى كم سيكون نصيب القرآن من وقتك ؟ إليك أخي المسلم فضائل بعض السور والآيات التي ستكون ضمن قراءتك :
·   سورة الفاتحة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الحمدُ لله ربِّ العالمين هي السبع المثاني والقرآنُ العظيمُ الـذي أُوتيتُهُ ) " رواه البخاري " ،، وقـال رسـول الله صلى الله عليـه وسلم ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ ، وَلاَ فِي الإِنْجِيلِ ، وَلاَ في الزَّبُورِ ، وَلاَ في الفُرقانِ مِثْلُهَا ، وَإِنَّهَا سَبْعٌ مِنَ المَثَاني ، وَالقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيْتُهُ ) " رواه الترمذى " ، وقـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم ( هذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ ، فَقَالَ : هذا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ . لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ ، فَسَلَّمَ وَقَالَ : أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَم يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَك ، فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَخَـوَاتِيمُ سُـورَةِ الْبَقَرَة ، لَنْ تَـقْـرَأَ بِحَرْفِ مِنْهُمَا إِلا أُعْطِيتَهُ ) " رواه مسلم " .

·   سورة البقرة وآل عمران وآية الكرسي وآخر آيتين في سورة البقرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرؤوا الْقرْآن ، فَإِنَّهُ يأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ ، اقْرؤوا الزهراوين : الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَان ، فإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَـوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمامَتَانِ أَوكَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ . تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ، اقْـرَؤوا سُـورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بـَرَكـَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ " أي السحَرة " ) " رواه مسلم " ،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ قَرَأَ آيَةُ الْكُرْسِي دُبُرَ كُل صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُـولِ الْجَنَّةِ إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ ) ،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَن قرأَ الآيتين من آخِر سورة البقرة في ليلته كفتاه ) " متفق عليه " ،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ الله عزَّ وجلَّ ، كَتَبَ كِتاباً قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّماواتِ وأَلارْضَ بَألْفَيْ عَامٍ ، فََأنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَة البَقَرَةِ،لا يُقْرآنِ فِي دَارٍ ثَلاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ ) .

·   سورة الكهف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ ، عُصِمَ مِنَ  الدَّجَّالِ ) ، وفي رواية ( ومن آخر سورة الكهف ) " رواه مسلم " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَة أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ ) ،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ قَرَأَ سُورَة الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ النُّورُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) .

·   سورة تبارك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ سُورَةً مِنَ القُرْآنِ ثَلاَثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِـرَجُـلٍ حَتَّى غُفِرَ لَـهُ وَهِـيَ سـورة تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِه المُلْكُ ) " صحيح رواه الترمذي وغيره " .

·   فضل سورة الفتح : عن عمر رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد أنزلت علىَّ الليلة سورةٌ لهي أحب إلىَّ مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ : إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً ) " رواه البخاري " .

·   فضل سورة البينة : عن أنس رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب ( إن الله أمرني أن أقرأ عليك " لم يكن الذين كفروا " ، قال : وسماني لك ؟ قال : نعم , قال : فبكى ) " رواه البخاري ومسلم " .
·   سورة الكافرون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وَمَنْ قَرَأَ " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ " عُدِلَتْ لَهُ بِرُبُع القُرْآنِ ) وَمَـنْ قَرَأَ " قُلْ هُـوَ الله أَحَـدٌ " ، عُدِلَتْ لَهُ بِثُلُثِ القرْآن ) " حديث حسن " .
·   سورة الإخلاص : قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم ( وَمَنْ قَـرَأَ " قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ " ، عُدِلَتْ لَهُ بِثُلُثِ القُرْآن ) " حديث حسن " ،، وعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ ( أقْبَلْتُ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَسَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ " قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ * الله الصمد " ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم " وَجَبَتْ " ، قُلْتُ : ومَا وَجَبَتْ ؟ قال : الْجَنَّة ) " حديث حسن " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ؟ قـَالُـوا : وَكَيْفَ يَقْرَأُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ؟ قالَ " قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ " يعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ) " رواه مسلم " ،، وقـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم ( مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْتِمَها عَشْرَ مَرّاتٍ بَنَى اللّهُ لَه قَصْراً في الجَنَّة ) .

والأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب ، وتتمة للفائدة ، فالأعمال التى يضاعف بها الأجر إن شاء الله تعالى هي : قال السعدى رحمه الله " في كتاب الفتاوى السعدية، المسألة التاسعة ، ص 43 " ( الجواب وبالله التوفيق : أما مضاعفة العمل بالحسنة إلى عشر أمثالها ، فهذا لا بد منه في كل عمل صالح ، كما قال تعالى ( من جـاء بالحسنة فـلـه عشرُ أمثالها ) " سورة الأنعام آية 160 " ،، وأما المضاعفة بزيادة عن ذلك ، وهي مراد السائل ، فلها أسباب : إما متعلقة بالعامل ، أو بالعمل نفسه ، أو بزمانه ، أو بمكانه وآثاره ،، فمن أهم أسباب المضاعفة : أن يحقق العبد في عمله الإخلاص للمعبود ، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فالعمل إذا كان من الأعمال المشروعة ، وقصدَ العبد به رضى ربه وثوابه ، وحقق هذا القصد بأن يجعله هو الداعي له إلى العمل ، وهو الغاية لعمله ، بأن يكون عمله صادراً عن إيمان بالله ورسوله ، وأن يكون الداعي له لأجل أمر الشارع ، وأن يكون القصد منه وجه الله ورضاه ، كما ورد هـذا المعنى في عدة آياتٍ وأحاديث ، كقوله تعالى ( إنما يتقبل اللهُ من المتقين ) " سورة المائدة آية 27 " أي : المتقين ربهم في عملهم بتحقيق الإخلاص والمتابعة له ، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم ( (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) " متفق عليه " ، وغيرها من النصوص ،، والقليل من العمل مع الإخلاص الكامل يرجح بالكثير الذي لم يصل إلى مرتبته في قوة الإخلاص ، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة تتفاضل عند الله بتفاضل ما يقوم بالقلوب من الإيـمـان والإخـلاص ؛ ويـدخـل في الأعمال
الصالحة التي تتفاضل بتفاضل الإخلاص ترك ماتشتهيه النفوس من الشهوات المحرمة إذا تركها خالصاً من قلبه ، ولم يكن لتركها من الدواعي غير الإخلاص ، وقصة أصحاب الغار شاهد بذلك } ،، ومن أسباب المضاعفة ـ وهو أصل وأساس لما تقدم ـ صحة العـقـيدة ، وقوة الإيمان بالله وصفاته ، وقوة إرادة العبد ، ورغبته في الخير ؛ فإن أهل السنة والجماعة المحضة ، وأهل العلم الكامل المفصل بأسماء الله وصفاته ، وقوة لقاء الله ، تضاعف أعمالهم مضاعفة كبيرة لايتصل مثلها ، ولا قريب منها ، لمن لم يشاركوهم في هذا الإيمان والعقيدة ، ولهذا كان السلف يقولون { أهل السنة إن قعدت بهم أعمالهم قامت بهم عقائدهم ، وأهل البدع إن كثرت أعمالهم ، قعدت بهم عقائدهم ، ووجه الاعتبار أن أهل السنة مهتدون ، وأهل البدع ضالون ،، ومعلوم الفرق بين من يمشي على الصراط المستقيم ، وبين من هو منحرف عـنه إلى طرق الجحيم ، وغايته أن يكون ضالاً متأولاً } ،، ومن أسباب مضاعفة العمل : أن يكون من الأعمال التي نفعُها للإسلام والمسلمين له وقعٌ وأثرٌ وغَناء ، ونفع كبير، وذلك كالجهاد في سبيل الله : الجهاد البدني والمالي والقولي ، ومجادلة المنحرفين ؛ كما ذكر الله نفقة المجاهدين ومضاعفتها بسبعمائة ضعف ،، ومن أعظم الجهاد : سلوك طرق التعلّم والتعليم ؛ فإن الاشتغال بذلك لمن صحت نيته لا يـوزن بـه عمل من الأعمال ،، ومن الأعمال المضاعفة : العمل الذي إذا قام به العبد ، شاركه فيه غيره ، فهذا أيضاً يضاعف بحسب من شاركه ، ومن كان هو سبب قيام إخوانه المسلمين بذلك العمل ؛ فهذا بلا ريب يزيد أضعافاً مضاعفة على عملٍ إذا عمله العبد لم يشاركه فيه أحدٌ ، بل هو من الأعمال القاصرة على عاملها ، ولهذا فضّل الفقهاء الأعمال المتعدية للغير على الأعمال القاصرة ،، ومن الأعمال المضاعفة : إذا كان العمل له وقعٌ عظيمٌ ، ونفعٌ كبيرٌ ، كما إذا كان فيه نجاةٌ من مهلكةٍ ، وإزالة ضرر المتضررين ، وكشف الكرب عن المكروبين ، فكم من عمل من هذا النوع يكون أكبر سبب لنجاة العبد من العقاب ، وفوزه بجزيل الثواب ، حتى البهائم إذا أزيل مايضرها كان الأجر عظيماً ،، وقصة المرأة البغي التي سقت الكلب الذي كاد يموت من العطش ، فغُفر لها بغيها ، شاهدة بذلك،، ومن الأعمال المضاعفة : أن يكون العبد حسن الإسلام ، حسن الطريقة ، تاركاً للذنوب ، غير مُصِرّ على شيء منها ، فإن أعمال هذا مضاعفة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا أحسن أحدكم إسلامه ؛ فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف )  " متفق عليه " ،، ومن الأعمال المضاعفة أيضاً : الصدقةُ من الكسب الطيب ، كما وردت بذلك النصوص ، ومنها شرفُ الزمان ، كرمضان ، وعشر ذي الحجة ، ونحوهما ، وشرف المكان كالعبادة في المساجد الثلاثة ، والعبادة في الأوقات التي حث الشارع على قصدها ، كالصلاة في آخـر الليل ، وصيام
الأيام الفاضلة ونحوهما ، وهذا راجع إلى تحقيق المتابعة للرسول مع الإخلاص له ،، ومن الأعمال المضاعفة : القيامُ بالأعمال الصالحة عند المعارضات النفسية، والمعارضات الخارجية؛ فكلما كانت المعارضات أقوى ، والدواعي للترك أكثر ، كان العمل أكمل ، وأكثر مضاعفةً ، وأمثلة هذا كثيرة جداً ، ولكن هذا ضابطها ،، ومن الأعمال المضاعفة : الاجتهاد في تحقيق مقام الإحسان والمراقبة ، وحضور القلب في العمل ، فكلما كانت هذه الأمور أقوى ، كان الثواب أكثر ، ولهذا ورد في الحديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ليس لك من صلاتك إلا ماعقلت منها ) ، فالصلاة وإن كانت تجزئ إذا أتى بصورتها الظاهرة ، وواجباتها الظاهرة والباطنة ، إلا أن كمال القبول ، وكمال الثواب ، وزيادة الحسنات ، ورفعة الدرجات ، وتكفير السيئات ، وزيادة نور الإيمان بحسب حضور القلب في العبادة ،، ولهذا كان من أسباب مضاعفة العمل حصولُ أثره الحسن في نفع العبد ، وزيادة إيمانه ، ورقّة قلبه ، وطمأنينته ،  وحصول المعاني المحمودة للقلب من آثار العمل ؛ فإن الأعمال كلما كملت ، كانت آثارها في القلوب أحسن الآثار ، وبالله التوفيق ،،، ومن لطائف المضاعفة : أن إسرار العمل قد يكون سبباً لمضاعفة الثواب ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( رجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها ، حتى لاتعلم شماله ، ماتنفق يمينه ، ورجلٌ ذكر الله خالياً ، ففاضت عيناه ) " متفق عليه " ، كما أن إعلانها قد يكون سبباً للمضاعفة ، كالأعمال التي تحصل فيها الأسوة والاقتداء ، وهذا مما يدخل في القاعدة المشهورة " قد يعرض للعمل المفضول من المصالح ما يصيّره أفضل من غيره " ،، ومما هو كالمتفق عليه بين العلماء الربانيين : أن الاتصاف في كل الأوقات بقوة الإخـلاص لله ، ومحبة الخير للمسلمين ، مع اللهج بذكر الله لا يلحقها شيءٌ من الأعمال ، أهلها سابقون لكلّ فضيلةٍ وأجرٍ وثوابٍ ، وغيرها من الأعمال التي تتبع لها ؛ فأهل الإخلاص والإحسان والـذكـر هم السابقون المقربون في جنات النعيم ،، " انظر باب الآسرة مجلة الهدى النبوى السلفية ° ، الصادرة عـن جمعية دعوة الحق الإسلامية بجمهورية مصر العربية – السنة " 70 " العدد " 753 " .